ماذا كتب الخبير الاقتصادي العالمي “العريان” في الفاينانشال تايمز؟

على مدى السنوات الـ 15 الماضية، اعتمد الاقتصاد الأمريكي على مزيج من التمويل العام والخاص لزيادة معدلات السيولة بالأسواق المالية، وتعزيز أسعار الأصول ودفع النمو الاقتصادي.

وكان إتاحة الائتمان بشكل واسع من قبل القطاع الخاص في الأوقات الجيدة، وضخ السيولة بأحجام هائلة من القطاع العام خلال الأوقات الأكثر صعوبة تعد عملية متسلسلة ومتتابعة، ولكنها تطورت لتصبح متزامنة في وقت واحد.

نتج عن ذلك زيادة ضخمة في مستوى الرافعة المالية وهو ما قوبل بالترحاب من قبل الأسواق شجعه معظم الاقتصاديين حتى الآن. لكنها ستصبح أكثر إشكالية إذا لم يتم التحقق من صحة الاقتصاد الذي تقوده إدارة الخزانة العامة من خلال النمو القوي الشامل والمستدام أيضًا.

دعونا نبدأ بكيف وصلنا إلى الانفصال الكبير بين الأساسيات الاقتصادية والمؤسسية والشهية المرتفعة للمخاطرة، من جانب كل من مقدمي ومستخدمي تمويل الديون.

في خضم الأزمة المالية العالمية في عام 2008، كان ائتمان القطاع الخاص يعمل بكامل قوته، الى جانب ازدهار إصدار السندات، كما كان هناك ارتفاع سريع في اصدار السندات، والتي أوجدت طرقًا جديدة لزيادة الرافعة المالية بميزانيات الشركات والأفراد مع تقليل الحواجز أمام دخول الدائنين. لكن الأمور اتخذت مجرىً خاطئا نتج عنه زيادة ضخمة بمستويات المخاطرة.

وعندما أصبح الوضع في القطاع الخاص غير منظم من أجل تخفيض المديونية، كان على القطاع العام أن يتدخل ويفعل كل ما بوسعه لتجنب الدخول في حالة من الكساد. ارتفعت الديون الحكومية والميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي – مصحوبة بتأكيدات من المسؤولين بأن معدلات النمو سوف تنعكس بمجرد انتعاش النمو الاقتصادي.

لكن الخروج من هذا النظام أصبح صعباً في سنوات ما بعد الأزمة، وجاءت محاولة سابقة لأوانها للحد من عجز الحكومة وهو ما يخفض من معدلات النمو، مما يضيف إلى انعدام الأمن الاقتصادي لدى الأفراد – خاصة مع تدفق المزايا الناتجة عن النمو الهزيل فقط الى الشرائح الميسورة من المجتمع. وبدلاً من تقليل ميزانيته العمومية، لجأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الى توسيعها، في انتظار أن يتسلمها أولئك الذين لديهم قدرة أكبر على تحقيق نمو اقتصادي حقيقي ودائم في سياسة اتسمت بالمراوغة.

وفي الوقت نفسه، اتجه القطاع الخاص الى الاقتراض، حيث لم تشجع أسعار الفائدة المتدنية التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي على تمويل التوسع التشغيلي ولكن أيضًا – وبصورة أكبر بكثير – على شراء الأسهم، وتوزيع أرباح مرتفعة للأسهم، الى جانب السعي وراء عمليات الدمج والاستحواذ. ثم جاءت صدمة وباء كورونا للاقتصاد والأسواق.

في مواجهة تهديد جديد بالركود الاقتصادي، أصبح القطاع العام يميل إلى اتباع منهج “مهما كلف الأمر”. انفجرت الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي – حيث تضاعفت تقريبًا إلى ما يقرب من 7 تريليون دولار في أقل من شهرين – كذلك الاقتراض الحكومي الأمريكي، الذي ارتفع بنسبة 15% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي.

كانت أبعاد وحجم هذه السياسات يعتبر في السابق غير قابل للتفكير فيه. ولكن للتغلب على مخاطر حدوث خلل في السوق وتجميد عمليات الائتمان، أصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن لا يقوم فقط بضمان مخاطر السيولة ومخاطر الائتمان للشركات عالية الجودة، بل أيضًا يضمن مخاطر التخلف عن السداد في سوق السندات غير المرغوب فيها.

تضمنت الإجراءات المالية لمواجهة آثار وباء كورونا إرسال شيكات معونة نقدية إلى الأسر الأمريكية كجزء من جهود الإغاثة واسعة النطاق.

استفادت الأسواق المالية من التأثير الفوري لهذه الجهود، وسجل إصدار سندات الشركات أرقاماً قياسيةً جديدة، وكذلك تدفقات أموال المستثمرين إلى أسواق الائتمان، على الرغم من انخفاض العائدات بشكل كبير. تضمن التأثير غير المباشر، إصدار السندات من الأسواق الناشئة بأكثر من 300 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام، متجاوزة المستويات المسجلة بنفس الفترات في عامي 2018 و 2019.

سيثبت الارتفاع الكبير في الرافعة المالية جدواه وستعتبر مستويات الدين هذه يمكن تحملها، فقط في حالة انتعاش النمو الاقتصادي بسرعة. وطبقا لهذا السيناريو، يمكن اعتبار استخدام الشركات والدول للديون في تعزيز الاحتياطيات النقدية وتعويض النقص الكبير في الإيرادات، طريقة حكيمة لتجنب مشكلات السيولة المؤقتة التي قد تتحول إلى مخاطر ملاءة مالية.

ولكن إذا جاءت معدلات النمو مخيبة للآمال، فسوف يتعين على الاقتصاد والأسواق التعامل مع عبء الديون الكبير والذي سينتج عنه مشاكل أكبر للبنك المركزي في الأسواق، الى جانب آفاق نمو أقل.

وبالنظر إلى أن هذا الانتعاش الاقتصادي يعتبر ناشئاً ويخضع لحالة من عدم اليقين، فإن الحل ليس سرعة التخلص من الديون من قوائم الميزانية العمومية، ولكن عوضاً عن ذلك، تظهر الحاجة الى التطور. يجب أن تضمن الحكومات وجود أساسًا أقوى للنمو المرتفع والمستدام الذي يفيد كل الطبقات وليس فقط الأغنياء في المجتمع، كما يجب أن يكون المستثمرون أكثر انضباطًا من حيث تقليل التعرض لمخاطر الإفلاس وخسائر رأس المال. وأخيرًا، تحتاج الشركات إلى مقاومة إغراء استخدام الديون في زيادة التدابير المالية وارتفاع الأجور للوظائف التنفيذية.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
شريط الأخبار
تفاصيل شهادة SAIB PRIME ذات العائد المتغير تفاصيل التمويل العقاري من aiBANK تفاصيل الشهادة المميزة من بنك الإمارات دبي الوطنى تفاصيل شهادات الادخار الدولارية من CIB سعر عائد حساب التوفير ستار من بنك التنمية الصناعية نفاصيل تمويل الوحدات السكنية من مصرف أبوظبي الإسلامي مزايا قرض السيارة من بنك القاهرة مميزات شهادة “Excellence” من بنك كريدي أجريكول – مصر شروط تمويل الحضانات من بنك ناصر الاجتماعي أسعار العملات العربية صباح اليوم السبت 28-9-2024 أسعار العملات الأجنبية صباح اليوم السبت 28-9-2024 كيف ينظم القانون سحب العملات الورقية؟ سلطة النقد تمنع استخدام كلمة بنك قانون البنوك يسرى على من؟ عقوبة الممتنع عن قبول العملة الكويتيه اسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 27-9-2024 أسعار العملات العربية صباح اليوم الجمعة 27-9-2024 أسعار العملات صباح اليوم الجمعة 27-9-2024 حساب توفير يوم بيوم من بنك ABC –مصر بعائد يصل الى 21.50% مزايا قرض التمويل العقارى ببنك أبوظبي التجاري سعر الدولار في مصر اليوم الخميس 26-9-2024 بنك قناة السويس يُنظم معرضًا للكتب الثقافية والمستلزمات الدراسية أسعار العملات الأجنبية صباح اليوم الخميس 26-9-2024 مزايا الحساب الجاري اليومي الجديد للشركات من البنك العربى الافريقى سعر الدولار بختام تعاملات اليوم البنك الأهلي المصري يفتتح مشروعات تطوير بمستشفى الحميات بالعباسية المصرف المتحد يحصل علي شهادة التوافق مع المعايير الدولية لامن المعلومات وتامين بطاقات الدفع الالكترو... المركزي: ارتفاع إجمالي القروض إلى الودائع إلى 63.3% بنهاية يونيو 2024 «المشاط»: انخفاض الحيز المالي لاستثمارات الطاقة يعيق تحقيق الأهداف الأممية تراجع أسعار الذهب بعد بلوغها مستويات قياسية