في خطوة مفاجئة .. رئيس زامبيا يطيح بمحافظ البنك المركزي

أصدر  القصر الرئاسي في زامبيا أمس السبت 22 أغسطس 2020 أن الرئيس إدجار لونجو أعفى حاكم البنك المركزي ديني كاليالا من منصبه فجأة وعين مكانه كريستوفر فونجا.

وأضاف بيان الرئاسة أن قرار تعيين فونجا، الذي كان يشغل منصب نائب أمين عام مجلس الوزراء في وحدة التنمية المالية والاقتصادية، أحيل إلى البرلمان للتصديق عليه.

زامبيا أو رسميا جمهورية زامبيا هي بلد غير ساحلي في جنوب القارة الأفريقية، المجاورة جمهورية الكونغو الديمقراطية في الشمال، وتنزانيا من الشمال الشرقي، ملاوي من الشرق وموزمبيق وزيمبابوي وبوتسوانا وناميبيا إلى الجنوب، وأنغولا إلى الغرب . العاصمة هي لوساكا، في الجزء الجنوبي الأوسط من زامبيا. ويتركز السكان أساسا حول لوساكا في الجنوب ومقاطعة حزام النحاس في الشمال الغربي، والمحاور الاقتصادية الأساسية للبلد.

وفي تقرير ب مجلة “الإيكونوميست” البريطانية  15– 21/9/ 2018

ويقول “جريجورى سميث”، مدير بنك “رينيسانس كابيتال” للاستثمار: “إن أسعار السوق تتأثر بالديون”. ومن ثم، تعتبر زامبيا نموذجًا للدول الأفريقية الأخرى كى تتوخى الحذر، حيث تم إعفاؤها من بعض الديون فى عامى 2005 و2006،  لكنها تجد نفسها اليوم على وشك الوقوع فى أزمةٍ أخرى.

ومن بين 75 دولةً تمثل سنداتها مؤشر الأسواق الجديدة لـ”بلومبيرج باركليز”، كان أداء زامبيا أسوأ أداءٍ فى عام 2018. وفى ضوء أزمتى تركيا، والأرجنتين، يُعتبر هذا إنجازًا.

وكان أداء اقتصاد زامبيا جيدًا فى بداية هذا القرن. فكان متوسط معدل النمو أكثر من 7% فى الفترة من عام 2000 إلى عام 2010، حيث دعم ارتفاع أسعار النحاس، الذى يُمثل 80% من صادرات زامبيا، دعم النمو. (وتُعد سويسرا أكبر الدول المستوردة للنحاس من زامبيا – وهى مقر لشركة “جلينكور للتجارة والتعدين”). وأظهر الانتعاش الاقتصادى انخفاض نسبة المساعدات التى وصلت إلى 57% من الدخل القومى عام 1995، لتصبح 5% فقط عام 2010.

وانتهى الانتعاش الاقتصادى فى عام 2011 تقريبًا. فانخفضت أسعار النحاس، وأصبح النمو بطيئًا. فالجبهة الوطنية التى ما زالت تحكم زامبيا، أصبحت الحزب الحاكم بعد الفوز فى الانتخابات. وسرعان ما شرعت فى الإنفاق ببذخٍ، حيث ضاعفت أجور الموظفين المدنيين بالدولة، وزادت عدد المناطق الجديدة من 72 منطقةً إلى 115 منطقةً حتى تحصل على المزيد من التأييد.

وتم تمويل النفقات الزائدة من الاقتراض. وزاد الدين العام بسرعةٍ من 21% من إجمالى الناتج المحلى فى عام 2010 إلى 59% فى نهاية عام 2017. وحوالى ثلثى القروض يكون بالعملة الأجنبية،  ويأتى من جهات إقراضٍ صينيةٍ أو من مستثمرين غربيين يشترون السندات، التى بلغت قيمتها 3 مليارات دولار أمريكى، ويتم إصدارها فى أوروبا.

وتسديد هذه الديون يُمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على زامبيا. وكان للتعليم النصيب الأكبر من الميزانية. واليوم، تمثل فوائد الديون حوالى ربع ميزانية الحكومة، ويتم دفعها لسداد بعض الديون. ووصلت نسبة العجز المالى عام 2018 إلى أكثر من 9% من إجمالى الناتج المحلى. وفى الشهر الماضى، تأخرت الحكومة فى دفع أجور العاملين المدنيين. وعندما حدث تأخير فى دفع الأجور فى العام الماضى؛ أوصى متحدث باسم الحكومة البيروقراطيين بالبدء فى تربية الدواجن. وزادت استدانة الحكومة للمقاولين، وهذا بدوره يضر بالتجارة. وزادت نسبة الديون المعدومة بدفاتر البنوك من 8% منذ عامين لتصل الآن إلى 13%.

ويقول المسئولون بصندوق النقد الدولى إن زامبيا تواجه خطر “ضائقة الديون” من بين   18 دولة أفريقية،  وهذا الرقم ضعف ما كان فى عام 2013. وهناك 8 دول أخرى فى أزمة بالفعل، (وهذا يعنى أنها متخلفة عن أداء ديونها عمدًا أو بغير إرادتها). لكن زامبيا تقاوم دعوة الصندوق إلى خفض الإنفاق لديها وتوترت العلاقات بينهما. وتجمدت المحادثات بينهما بشأن خطة إنقاذ مالى، لكن الصندوق استأنف تعيين مندوبه لدى زامبيا بعد إلحاحٍ منها.

ولا يعنى هذا الموقف أن زامبيا قامت بترشيد الإنفاق. فقد تم إنفاق الكثير من الأموال بشكلٍ عشوائى، أو سرقتها فى بعض الحالات. ويقول “جيفرى تشونجو” بالمركز اليسوعى للتأمل اللاهوتى، وهو جمعية خيرية محلية: “إن المواطنين يسألون… أين ذهبت كل الأموال؟”.

ويُجيب البعض بأنها أنفقت على إنشاء الطرق. فمنذ عام 2011، أعلنت زامبيا عن خطط لإنشاء طرقٍ بطول 9 آلاف كيلو متر. ويشك البعض فى الحاجة إلى بنيةٍ تحتيةٍ أفضل. لكن الدولة أنفقت ببذخ. وأشارت دراسة أعدها البنك الدولى إلى أن زامبيا دفعت 360 ألف دولار فى كل كيلو متر، وهذا أكثر من ضعف متوسط التكلفة فى أفريقيا. وحيث إن الصيانة كانت دون المستوى؛ أصبح الكثير من الطرق الجديدة رديئة.

واتسمت صفقات أخرى بالتبذير، حيث اشترت زامبيا 42 سيارة إطفاء، وصل سعر السيارة الواحدة منها إلى مليون دولار بزيادة 70% عن السعر المعتاد. وأنفقت ببذخٍ بشكلٍ منتظم على مشروعات البنية التحتية التى نفذتها الشركات الحكومية الصينية. فعلى سبيل المثال، تم التوقيع على عقد لإنشاء مطار فى لوساكا (عُرِف محليًا باسم الهامبورجر….)، تم تصميمه لاستيعاب عشرة أضعاف عدد المسافرين الحاليين، وهو أمر بعيد الاحتمال. ولا تتسم هذه الصفقات بالشفافية. فالقروض يتم الاتفاق عليها بين حكومة زامبيا وبنك التصدير والاستيراد الصينى، الذى يقرض الشركة الصينية المنفذة للمشروع مباشرةً. ويتم الكشف عن التكلفة الحقيقية فى وقت لاحقٍ، إن تم ذلك. ويُعبر الكثيرون عن قلقهم من أن تظل الكثير من الصفقات غامضةً، ومن أن الرئيس “إدجار لونجو” قد يقوم بتسليم أصول الدولة، مثل شركة “زيسكو” للطاقة، إلى الصين فى مقابل تخفيف الديون. وقد عاد وفد زامبيا مؤخرًا من الصين، حيث كان فى اجتماع قمة يُعقد كل ثلاث سنوات بين الزعماء الأفارقة والصينيين.

ويُعبر الكثيرون من مواطنى زامبيا عن استيائهم من التعاون مع الصين. فرجال الأعمال، على سبيل المثال، يشتكون من استبعادهم من أفضل الصفقات. ومن المرجح أن تلقى النخبة فى زامبيا اللوم على الحكومة أكثر من الصين. وفى ظل حكم الجبهة الوطنية، يتسم نظام الحكم بالضعف والفساد. وتشير تقارير مدقق الحسابات العام ومركز المعلومات المالى، الذى يعتبر بمثابة مسئول الشكاوى، إلى أن الفساد زاد بشكلٍ ملحوظ فى ظل حكم “لونجو”. ويقدر أحد خبراء الاقتصاد أن نسبة من  5 إلى 10%  يتم خصمها من الصفقات لصالح أشخاصٍ معينين.

ويسير الفساد والقمع فى خطين متوازيين. فبعد انتخابات الرئاسة، التى أجريت عام 2016 وفاز فيها “لونجو”، زعم البعض حدوث تلاعب فى الانتخابات، وقام “لونجو” بمحاكمة زعيم المعارضة لعدم انحنائه لموكب الرئاسة. وتم إغلاق إحدى الصحف وملاحقة الصحفيين. وقام “لونجو” بتعيين مَن يختاره من قضاة بالمحكمة الدستورية، وهدد بحدوث فوضى إذا لم يسمحوا له بفترةٍ رئاسةٍ ثالثة بشكل غير دستورى فى عام 2021. ويقول أحد الأكاديميين فى “لوساكا”: “أنا أعيش هنا منذ 21 عاما، ولم أرَ الكثير من الناس خائفين من التعبير عن رأيهم علنًا بمثل هذه الدرجة. لقد أصبحت زامبيا دولةً مستبدة.”

ويعتقد مؤيدو “لونجو” أن الوقت لصالح زامبيا.  فأول السندات الأوروبية الثلاثة  يُستحق فى عام 2022. وقد تمد الصين فترة السداد. لكن فى ضوء العبء المتزايد للديون، لن تستطيع زامبيا الصمود. وسوف تعلن الحكومة فى وقتٍ قريب عن ميزانية عام 2019، وسيرى المستثمرون ما إذا كانت هناك أية علامة تشير إلى حدوث تغيير من قبل “لونجو” ومساعديه. وإذا لم يحدث؛ فستظل زامبيا، بعد مرور 12 عامًا على تسامح العالم فى ديونه لدىها، فى طريقها إلى أزمة ديون أخرى.

                  

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى