بنوك لبنان المتأزمة تواجه غضب المودعين المحبطين
في ظل تناقص السيولة الذي تشهده البنوك اللبنانية، ينفد كذلك صبر المودعين. فبفعل التأثيرات السلبية للقيود على عمليات السحب، يتخذ البعض خطوات متطرفة مثل احتلال فروع البنوك، وفي إحدى الحالات احتجاز موظف كرهينة، سعيًا إلى الحصول على كل ما يمكنهم بلوغه من حساباتهم.
دفعت أزمة لبنان المالية ونقص الدولارات البنوك التجارية إلى فرض حدود صارمة على سحب الدولار ومنع معظم التحويلات إلى الخارج، مما تسبب في افتقار اللبنانيين الذين يتقاضى أغلبهم رواتبهم بالدولار إلى السيولة.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة بالبلاد في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، تعرضت البنوك التجارية التي اعتُبر أنها تحمل جزءًا من المسئولية عن الأزمة للهجوم، بما في ذلك أعمال شغب تسببت في تحطم واجهات مصارف وتدمير ماكينات للصرف الآلي في منطقة الحمرا ببيروت.
وفي ظل تحديد أسقف للسحب عند بضع مئات من الدولارات أسبوعيًا، حاول بعض المودعين استخدام القوة للوصول إلى أموالهم.
وبحسب مصادر أمنية، شهد لبنان 101 واقعة بالبنوك منذ أول نوفمبر/ تشرين الثاني، وحتى 13 يناير/كانون الثاني، تنوعت ما بين المشاجرات والاعتصامات والهجمات الأكثر عنفًا على أفرع بنوك.
وقال مصدر أمني ”إنها تزيد كل يوم مثل كرة الثلج.. لقد شرعت في الوصول إلى نقطة اختناق والناس يختنقون“.
وعندما امتنع بنك عن إعطاء مودعة عرّفت نفسها فقط باسم لما وخمسة آخرين معها من مدينة صيدا بجنوب البلاد 400 دولار يتعهد بها، عادوا مع عشرة محتجين في استعراض للقوة.
وقالت لما إن المجموعة اقتحمت الفرع وتشاجرت مع الأمن وموظفين بالبنك قبل أن يوافق مدير الفرع على منحهم 400 دولار أسبوعيًا.
وقالت لما ”ما اكتشفته هو أنه مع الضغط أو الخوف منا.. يستسلمون“.
وتُظهر مقاطع مصورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي وقائع مشابهة، منها اقتحام مودعين بصحبة محتجين لبنوك وفي بعض الأحيان مهاجمة الأمن والرشق بكراسٍ والمطالبة بأموال من حساباتهم. ولم يتسنَ لرويترز التحقق على نحو مستقل من المقاطع.
وعندما رفض بنك آخر في صيدا سداد قيمة شيك لمصطفى البيطار هذا الشهر، عاد ومعه رافعة حاويات وشاحنتين جلبهما من شركته وأغلق المدخل. ووافق مدير الفرع على سداد قيمة الشيك.
وقال البيطار ”اضطررنا لفعل هذا للحصول على حقنا.. الوضع يزداد سوءًا“.
ولم يقدم تكثيف لوجود الشرطة وخط ساخن لموظفي البنوك لطلب دعم سريع من قوات الأمن، وهو ما تم تطبيقه بعد بدء الاضطرابات، مساعدة تُذكر في التصدي للمودعين الغاضبين.
”أموالي“:
في الثالث من يناير/ كانون الثاني، احتجز محتجون مدير فرع لبنك لبنان والمهجر (بنك بلوم) في منطقة عكار بشمال البلاد كرهينة لساعات عدة للمطالبة بدولارات لعميل، وأفاد بيان لبنك بلوم بأنهم لم يطلقوا سراح المدير إلا عندما تدخل الأمن.
وتعرضت بنوك في أنحاء عكار لإحراق وتخريب. وأغلقت أبوابها في الثالث من يناير/ كانون الثاني ولا تزال مغلقة.
قال موظف ببنك مقره طرابلس ”نعمل في القطاع المصرفي منذ وقت طويل وهذا شيء لم نشهده من قبل“.
يعاني لبنان المثقل بالديون بشدة منذ الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء سعد الحريري الذي استقال في أكتوبر/ تشرين الأول على خلفية احتجاجات ضد الفساد وسوء الإدارة اللذين اعتُبرا السببين الجذريين للمشكلات الاقتصادية. وفقدت الليرة اللبنانية نصف قيمتها تقريبًا.
ويحجم مانحون دوليون عن تقديم دعم بقيمة 11 مليار دولار لحين تشكيل حكومة جديدة وتنفيذ خطة إصلاح.
وبعد بدء الاضطرابات في أكتوبر/ تشرين الأول، أُغلقت البنوك على فترات متقطعة بسبب إضراب بدعوة من اتحاد نقابات موظفي المصارف بفعل مخاوف تتعلق بالسلامة، مما أصاب الاقتصاد والتجارة بالشلل. وأُعيد فتحها في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني بعد اتفاق لتعزيز الأمن ووجود الشرطة خارج أغلب الفروع.
قال موظف ببنك مقره بيروت: ”هناك دائمًا فرد شرطة بالبنك، لكن ماذا عساه أن يفعل عندما يفد ستون أو سبعون شخصًا على البنك؟.. ليس لدي علم متى سيصب العميل الذي أمامي عليّ غضبه“.
وقال: ”أيًا كان ما أقوله لهم، أسمع نفس الشيء: ’أريد أموالي. أريد أموالي‘“.