الدولار يفقد بريقه

" ابتسامة الدولار " لا تدوم .. دورة تراجع ممتدة تنعش تدفق رؤوس الأموال خارج أمريكا

الدولار يفقد بريقه

فقد الدولار بعضا من بريقه خلال الشتاء الحالي مع تلاشي التأثير الإيجابي

للدعم المزدوج، الذي تمتع به باعتباره ملاذا مفضلا خلال فترة جائحة فيروس كورونا المستجد واستناده إلى أقوى اقتصاد في العالم.

والآن تهتز دعامة أخرى من دعائم العملة الأمريكية، في ظل الشكوك بشأن المدى الذي يمكن أن يصل إليه

أقرأ أيضا: مزيد من الأخبار عن الدولار أضغط هنا…

مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي في زيادة أسعار الفائدة،

حيث يعيد المجلس حساباته في هذا الشأن نتيجة المخاوف من ركود الاقتصاد الأمريكي.

ووفقا لوكالة بلومبيرج للأنباء، يعني هذا احتمال معاناة العملة الخضراء من دورة تراجع ممتدة.

ومع ذلك فهذا لن يكون له تأثير كبير في مكانة العملة الأمريكية

كعملة احتياطي عالمية، فالدولار ثابت على موقعه المتصدر،

على حد وصف ماركوس أشوورث المحلل الاقتصادي في تحليل نشرته الوكالة أمس.

لكن ما ليس جيدا بالنسبة لقيمة الدولار هو أمر جيد لباقي دول العالم،

حيث ستقل الحاجة إلى استمرار مواكبة صعود الدولار،

ففي الشهور الماضية اضطرت البنوك المركزية في عديد من دول العالم إلى زيادة أسعار الفائدة،

بما يتجاوز المطلوب لكبح جماح التضخم

وذلك حتى تحافظ على قيمة عملاتها أمام العملة الأمريكية التي استفادت من سلسلة رفع أسعار الفائدة الأمريكية منذ 2022.

وهذا التحول مفيد في تصحيح اختلال كبير معروف باسم “ابتسامة الدولار” الذي ظل في مصلحة العملة الأمريكية أغلب فترات العقد الحالي.

فمن المحتمل مواصلة المضي نحو قاعدة منحنى شكل الابتسامة، حيث يتراجع الدولار باطراد،

وهو ما يعني عودة رؤوس الأموال للتدفق إلى الدول الأخرى بعد فترة عودتها الكثيفة إلى السوق الأمريكية خلال فترة زيادة أسعار الفائدة وقوة العملة الخضراء.

في الوقت نفسه فإن الأزمة المصرفية الإقليمية التي شهدت انهيار ثلاثة بنوك أمريكية حتى الآن، تمثل نوعا من التعثر الذي يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي.

علاوة على ذلك فإن النظر إلى الدولار باعتباره ملاذا آمنا سيتراجع إذا تعرض النظام المصرفي الأمريكي للضغوط،

خاصة إذا لم يواجه النظام المالي العالمي أزمة مماثلة، خاصة مع النظر إلى أزمة بنك كريدي سويس جروب السويسري باعتبارها واقعة غير متكررة

وبالتالي لن تؤدي إلى زيادة سعر الدولار.

وتشير التوقعات إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ خفض أسعار الفائدة خلال الربع الثاني من العام الحالي، ما يعني مزيدا من التراجع في سعر الدولار.

الدولار يفقد بريقه

في المقابل فإن العملة الأكثر أهمية من الناحية التجارية مقارنة بالدولار هي اليورو.

وخلال اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي يوم 16 آذار (مارس) الحالي، تقرر زيادة الفائدة الأوروبية بمقدار 50 نقطة، في حين اختار البنك المركزي الأمريكي تخفيف وتيرة زيادة الفائدة، حيث قرر زيادتها بمقدار 25 نقطة أساس فقط.

وهذه التحولات أدت زيادة قيمة اليورو أمام الدولار بنسبة 12.5 في المائة خلال الشهور الستة الماضية

ليصل لأكثر من 1.08 دولار لكل يورو، بعد فترة تراجع للعملة الأوروبية خلال المدة من آب (أغسطس) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين.

وبحسب مسح أجرته بلومبيرج فإن احتمال حدوث ركود اقتصادي في منطقة اليورو انخفض إلى النصف خلال العام الحالي

ليصبح أقل من احتمال ركود الاقتصاد الأمريكي الذي يبلغ نحو 60 في المائة.

وهذا تحول واضح في التوقعات، حيث كانت منطقة اليورو تتجه في الفترة الماضية نحو الركود

وعانت من أكبر ارتفاع لأسعار الغاز الطبيعي بعد الحرب الروسية في أوكرانيا في أواخر شباط (فبراير) من العام الماضي.

ولم يتفوق على اليورو بالنسبة للدولار بين العملات العشر الرئيسة في العالم سوى الجنيه الاسترليني الذي ارتفع أمام الدولار بأكثر من 14 في المائة خلال ستة أشهر

في حين ارتفع الين الياباني بنسبة 10 في المائة خلال الفترة نفسها.

والقاعدة العامة الرئيسة تقول إن مراكز التصدير الصناعي الكبيرة في منطقة اليورو واليابان استفادت من ارتفاع قيمة الدولار لأنه يجعل منتجاتها أرخص في السوق العالمية

لكن الارتفاع الحاد لأسعار الطاقة جعل هذه الدول في القارب نفسه، مثل الاقتصادات الأخرى التي تعتمد على صادرات الطاقة.

في الوقت نفسه فإن أكبر الدول الرابحة من الدولار الضعيف نسبيا،

موجودون في أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية، حيث ارتفع سعر البيزو الشيلي بنسبة 22.5 في المائة.

كما أن المكاسب الأوسع نطاقا تأتي من الدول المستوردة للطاقة التي تضررت من ارتفاع أسعار الغاز،

ولأن أغلب السلع في العالم تسعر بالدولار، فإن أي ارتفاع في قيمة العملات المحلية أمام العملة الأمريكية يعطي فرصة لتلك الدول لالتقاط الأنفاس.

ويقول ماركوس أشوورث كبير خبراء الأسواق في شركة هايتونج سيكيوريتز للوساطة المالية سابقا إن الارتفاع الكبير لسعر الدولار خلال 2021

وأغلب فترات 2022 أوجد مشكلات كبيرة في الدول النامية والدول المتقدمة على السواء، حيث اضطرت البنوك المركزية إلى زيادة أسعار الفائدة

لمنع انهيار عملاتها المحلية، في الوقت الذي شدد فيه مجلس الاحتياطي الاتحادي السياسة النقدية الأمريكية.

والآن سيكون العالم ممتنا لفترة من الهدوء المهم بالنسبة لعملة الاحتياطي النقدي العالمي.

المصدر: الاقتصادية

إشترك وشاهد فيديوهات عن البنوك  أضغط هنا…

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى