وسط التحديات الاقتصادية .. الأمم المتحدة في دائرة الضوء
أكدت وكالة الانباء القطرية أن هناك تحديات اقتصادية جمة تتطلب جهودا أممية للخروج منها بأقل التكاليف
وقالت الوكالة في تقرير مطول أن أنظار العالم تتجه غد الثلاثاء 19 سبتمبر 2023، إلى مدينة نيويورك بالولايات المتحدة
الأمريكية، حيث من المنتظر أن تلتئم الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والسبعين، والتي ستكون حافلة
بالعديد من الملفات الاقتصادية الساخنة، التي ستطرح أمام صناع القرار العالمي، لمناقشة التحديات وسبل تذليلها، وصولا
إلى حلول مستدامة لمواجهتها والخروج منها بأقل كلفة.
التضخم وسعر الفائدة
ويمثل التضخم وما يصاحبه من ارتفاع حاد لأسعار السلع الأساسية والغذائية، علاوة على سياسات التشديد النقدي،
المطبقة من قبل البنوك المركزية الرئيسة في العالم، والمتمثلة في الرفع التدريجي لأسعار الفائدة،
والتي بدورها ألقت بأعباء إضافية على القطاعات الاقتصادية المختلفة، خصوصا الخاصة منها،
أضف إلى ذلك النزاعات الجيوسياسية والاقتصادية وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا، وتداعيات جائحة /كوفيدــ19/،
فضلا عن قضايا الديون والتجارة الدولية، حيث تشكل هذه القصايا سالفة الذكر تحديات جمة، يتخوف الجميع،
دولا وحكومات وأفرادا، من نتائجها غير المتوقعة، لا سيما في ظل التنبؤات والتحليلات شبه اليومية،
التي يتوقع أصحابها هبوطا وتراجعا حادا في وتيرة النمو الاقتصادي العالمي برمته.
ومن المقرر أن يناقش قادة الدول الأعضاء في اجتماعات مباشرة بنيويورك، حزمة من القضايا الجامعة
والمتداخلة التي تؤثر في تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030، لاسيما تحديات القضاء على الفقر والجوع،
والصحة والتعليم للجميع، والحصول على المياه النظيفة، وتوفير العمل اللائق داخل مدن ومجتمعات محلية مستدامة.
الديون المستحقة
وفي هذا السياق قال المحلل الاقتصادي مبارك التميمي، إن قادة العالم يواجهون تحديات جمة
أبرزها زيادة مستوى الديون المستحقة، خاصة على الدول النامية وما تشكله من أعباء مالية كبيرة تقيد قدرتها على النمو والتنمية
مشيرا إلى أن الرفع المستمر لأسعار الفائدة ألقى بتداعياته على التزام هذه الدول وقدرتها على السداد،
كما أضعف سعيها لاستقطاب الاستثمارات بسبب تراجع قيمة عملاتها، علاوة على زيادة كلفة الاقتراض مما أثر على
الاستثمار والتوسع والنمو وزاد من وتيرة البطالة لديها.
وأضاف التميمي أن التحديات العالمية تعتبر معقدة ومتشابكة ولا يمكن لدولة بمفردها أن تنجح في حلها،
مما يتطلب تضافر الجهود المشتركة بين دول العالم والمنظمات الدولية المعنية بالشؤون المالية والاقتصادية،
لافتا إلى ضرورة إعادة هيكلة الديون لتخفيف العبء المالي وتمكين الدول من إعادة الاستثمار في قطاعات التنمية الأخرى.
وأوضح أن التحديات الاقتصادية المنتظرة مناقشتها ضمن الدورة الـ78 لاجتماعات الأمم المتحدة،
تستدعي تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين الدول، فضلا عن أهمية تشكيل شراكات وطنية ودولية للعمل على حلول مشتركة وتطوير استراتيجيات اقتصادية قابلة للتطبيق.
وقد جاءت تأكيدات التميمي متناسقة مع التحذيرات السابقة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 12 يوليو الماضي، ومفادها أن أزمة الديون بالدول النامية تهدد بكارثة تنموية، حيث تنفق الحكومات على سداد الديون أكثر مما تنفق على مجالات الصحة والتعليم، مؤكدا خلال تقديمه تقريرا للمنظمة الدولية بشأن وضع الدين العالمي، أن “نحو 3.3 مليار شخص، أي نصف البشرية تقريبا، يقيمون في دول تنفق على فوائد خدمة الدين أكثر مما تنفق على التعليم أو الصحة”.
الدين العام في العالم
وبحسب التقرير ذاته فإن الدين العام في العالم بلغ مستوى 92 تريليون دولار في 2022، وهو مستوى قياسي يشكل 5 أضعاف ما كان عليه عام 2000، وتستحوذ الدول النامية على زهاء 30 بالمئة من إجمالي الدين، كما أن ديونها تنمو بشكل أسرع من غيرها. وتتكبد خدمة دين أكبر، ويعزى ذلك إلى أن نسب الفوائد التي تدفعها أعلى، ووفقا للتقرير، تعاني 52 دولة – أي ما يعادل 40 بالمئة من الدول النامية – من “مشكلة دين خطيرة”.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي أحمد عقل، أن العالم يواجه حزمة تحديات أبرزها ارتفاع تكلفة الأصول، وارتفاع معدلات التضخم، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من ارتفاع حاد في أسعار الغذاء، علاوة على التحولات الاقتصادية والجيوسياسية، ما أدى إلى تباطؤ ملحوظ في معدلات نمو الاقتصاد العالمي.
ولفت عقل إلى أن التداعيات السلبية للنزاعات الدولية والتجارة غير العادلة وتغير المناخ ومشكلات التنمية جميعها تحديات تؤثر على استقرار الاقتصاد العالمي وتزيد من صعوبة تحقيق التنمية المستدامة وأهدفها الـ17 التي تسعى الأمم المتحدة إلى تحقيقها.
وفي سياق متصل، توقع صندوق النقد الدولي، مؤخرا، في تقرير له حول /آفاق الاقتصاد العالمي/، أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3 بالمئة، خلال العام الجاري، مقارنة بـ3.5 بالمئة، في 2022، على أن يسجل نموا، في عام 2024 بنسبة 3 بالمئة أيضا، فيما توقع تراجع التضخم العالمي من 8.7 بالمئة في 2022 إلى 6.8 بالمئة خلال 2023 و5.2 بالمئة العام المقبل.
التحديات الاقتصادية
وأكد الخبير الاقتصادي أحمد عقل أن دور الأمم المتحدة في مواجهة التحديات الاقتصادية هو توفير المساعدة المالية والفنية للدول الأعضاء، من خلال برامجها ومؤسساتها وصناديق التنمية التابعة لها، حيث تقوم المنظمة الأممية بدعم الدول في تطوير قطاعاتها الاقتصادية وتنفيذ سياسات التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن المساعدة المالية والفنية تشمل تقديم القروض بفائدة منخفضة والمساعدة في تحسين البنية التحتية وتطوير الصناعات الرئيسية، فضلا عن تقديم التدريب والتقنيات الحديثة للدول لمساعدتها في تنمية مهارات العمل وزيادة قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.
ويترقب العالم ما ستتمخض عنه هذه الاجتماعات من نتائج قد تسهم في معالجة تحديات المنظومة الاقتصادية العالمية بشكل كلي، ومن المتوقع أن يركز المجتمع الدولي على قضايا التنمية المستدامة وتطوير وتعزيز القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الزراعة والصناعة والسياحة والتكنولوجيا، بما يمكن من تحقيق نمو اقتصادي مستدام وخلق فرص عمل للسكان، وقابلية هذه القطاعات لتكون قادرة على المنافسة على المستوى الدولي وزيادة القدرة التصديرية، وهو ما يتطلب تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات.
يشار إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اعتمدت في العام 2015 بالإجماع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (خطة عام 2030) بأهدافها الـ17، وغاياتها الـ169 ومؤشراتها الـ231 الفريدة. وتهدف هذه الخطة إلى تحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنية بالتنمية، وإلى تقديم خيارات وفرص جديدة لسد الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية. كما أنها تشكل إطارا عاما يوجه العمل الإنمائي العالمي والوطني.
أهداف التنمية المستدامة
وتتضمن أهداف التنمية المستدامة المحددة، القضاء على الفقر والجوع، تحسين الصحة والتعليم، وضمان توافر المياه النظيفة، وتعزيز فرص العمل اللائق، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وبناء مجتمعات محلية مستدامة، وتعزيز السلام والعدالة وبناء مؤسسات قوية، والكثير من المحتوى الأساسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى أهداف بشأن بعض الأبعاد الأساسية للحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الأمن الشخصي والوصول إلى العدالة والحريات الأساسية.
يُسعى إلى تحقيق هذه الأهداف والحقوق من خلال جهود متعددة القطاعات، منها الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني. تهدف هذه الجهود إلى تحسين جودة الحياة للبشر جميعًا وتعزيز العدالة والمساواة.