اقتصادات رابطة آسيان-6 لن تتأثر بالتعريفات الجمركية

استبعد بنك قطر الوطني “QNB” إمكانية تأثر توقعات النمو في اقتصادات رابطة آسيان-6 من سيناريو تدهور التجارة العالمية، وذلك بفضل الزخم القوي للنمو والموقف الملائم لهذه الدول لتجنب أو احتواء أي تهديدات مرتبطة بالتعريفات الجمركية، وكذلك المكاسب الناتجة عن تغير اتجاهات تدفقات التجارة والاستثمار.
وأشار التقرير الأسبوعي لـ”بنك قطر الوطني QNB” إلى أن الدول الست الكبرى في رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان-6″، وهي إندونيسيا وتايلاند وسنغافورة وماليزيا وفيتنام والفلبين، كانت من بين أسرع الاقتصادات نموا في العالم في العقود الأخيرة، وذلك بفضل اندماجها الفعال في الأسواق العالمية من خلال التجارة الدولية.
وأوضح التقرير في هذا السياق أنه في حال حدوث أي تهديدات لتدفقات التجارة، فقد ينعكس ذلك بشكل كبير على اقتصادات هذه الدول.
الحروب التجارية
ولفت التقرير إلى أن الحروب التجارية كانت واحدة من القضايا البارزة على الساحة العالمية، حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى نهج الاكتفاء الذاتي الوطني واعتبر الواردات بمثابة استنزاف للثروة الوطنية.
وأشار التقرير إلى أن الخلافات التجارية الأولية بدأت مع تهديدات مباشرة من قبل الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على الصين، فيما تلت ذلك تحذيرات بفرض رسوم جمركية “شاملة” و”على أساس المعاملة بالمثل” على جميع الدول والمنتجات، إضافة إلى رسوم مستهدفة على واردات الصلب والألمنيوم. وفي المقابل، قامت الدول الأخرى بتقييم ردود فعلها، مما زاد من خطر تصاعد الحمائية واندلاع الحروب التجارية.
تعريفات ترامب
وناقش “بنك قطر الوطني” في تقريره ثلاثة عناصر رئيسية تدعم وجهة نظره السابقة، أولها أنه من غير المرجح أن تصبح دول آسيان-6 أهدافا مباشرة لتعريفات ترامب الجمركية في الأمد القريب. ومن بين دول المجموعة، أظهرت فيتنام وتايلاند أكبر فوائض تجارية ثنائية في العام الماضي، حيث بلغت قيمة الفائض التجاري لفيتنام 125 مليار دولار أمريكي، ولتايلاند 35 مليار دولار أمريكي.
وأشار التقرير إلى أن دول آسيان-6 تجذب اهتماما أقل من الشركاء التجاريين الرئيسيين الآخرين للولايات المتحدة الذين لديهم فوائض تجارية ثنائية أكبر، مثل الصين “300 مليار دولار” والمكسيك “172 مليار دولار” علاوة على ذلك، تعمل دول آسيان-6 كتكتل مضاد للنفوذ الصيني في المنطقة، مما يضعها في وضع ملائم لخوض المفاوضات التجارية وتخفيف التهديدات الجمركية المحتملة.
ورجح التقرير، عند تطرقه لهذا العنصر، أن يستفيد المصدرون في رابطة دول جنوب شرق آسيا الذين يتنافسون مع المنتجين الصينيين من زيادة التعريفات الجمركية الأمريكية على الصين، حيث ستصبح أسعار منتجات دول آسيان أرخص نسبيا من المنتجات الصينية في الولايات المتحدة.
رابطة اسيان
وأوضح أن الشركات في هذه البلدان تقوم بصورة غير مباشرة، بدور الوسيط لدخول المنتجات الصينية إلى الولايات المتحدة بهدف تجنب التعريفات الجمركية. بالإضافة إلى ذلك، تستفيد اقتصادات رابطة آسيان من استثمارات الشركات العالمية، بما في ذلك الشركات الصينية، التي تركز بشكل أكبر على إنشاء مرافق إنتاج خارج الصين.
وأشار إلى أن الشركات الغربية تتبنى بشكل تدريجي استراتيجية “التعامل مع أي دولة عدا الصين”، وذلك بهدف تقليل الاعتماد على الصين والتخفيف من المخاطر المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية ، وبناء على ذلك، من المحتمل أن تستفيد دول رابطة آسيان-6 من تحول تدفقات التجارة والاستثمار بعيدا عن الصين.
ويرى التقرير في العنصر الثالث أن تدهور آفاق التجارة الدولية لم يكن له تأثير ملحوظ على توقعات النمو في اقتصادات دول رابطة آسيان-6، التي تتمتع بمستوى عال من التكامل التجاري، حيث بقيت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بالنسبة لعام 2025 دون تغير أو شهدت تحسنا مقارنة بالعام الماضي.
ونوه إلى أنه بعد السيطرة على التضخم، تعمل البنوك المركزية في المنطقة على خفض أسعار الفائدة، وقد حققت بعضها بالفعل مستويات “محايدة” لأسعار الفائدة، لا تقيد النشاط الاقتصادي ولا تحفزه بشكل مفرط.
انفاق استثماري
ولفت التقرير إلى أن العديد من حكومات دول آسيان-6 تسعى إلى تنفيذ مشاريع بنية تحتية طموحة وبرامج إنفاق رأسمالي من شأنها جذب الاستثمارات الخاصة وتعزيز النمو الاقتصادي موضحا أنه من المتوقع أن تشمل هذه المشاريع الكبرى قطاعات مثل النقل، والخدمات اللوجستية، والتعدين، والمرافق الأساسية اللازمة لدعم محطات التصنيع الجديدة.
وخلص التقرير إلى أنه رغم اختلاف العوامل المؤثرة في كل دولة داخل رابطة آسيان-6، فمن المتوقع أن يستمر زخم النمو الإجمالي في المنطقة بقوة خلال عام 2025.