وسام فتوح: وباء كورونا يهدد العالم… مطلوب حلول غير تقليدية لمواجهة التحديات

أكد الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، وسام فتوح، على أهمية تعامل المصارف العربية مع هذه التحديات التي تواجه المنطقة بطرق ووسائل غير تقليدية، مطالبًا بعدم الاكتفاء بإجراءات التكيف مع، أو التحوط لهذه المخاطر، بل يجب عليهم أن يكونوا مبادرين وخلّاقين ومُبتكرين في مواجهتهم لتلك المخاطر، وألا يعتمدوا سياسات تجنب المخاطر (de-risking) بل يقومون بإدارة المخاطر بالطريقة الأمثل، وأن يعمّقوا تعاونهم مع بعضهم البعض، وكل ذلك من أجل البقاء والنمو والاستمرار في تمويل الاقتصادات العربية. جاء ذلك في منتـدى “رؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية” بالغردقة خلال الفترة من 6 إلي 8 مارس 2020.
أضاف أن هناك مخاطر متعددة تواجه المنطقة العربية، منها: الصراعات الجيو – سياسية، و النزاعات التجارية، و الأوبئة، وتلك المتعلقة بالجرائم المالية وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمخاطر المرتبطة بالعمل المصرفي التي يزيد تعقيدها يومًا بعد يوم – تلك المخاطر التي تُهدد الاقتصادات والأسواق المالية والقطاعات المصرفية حول العالم بشكل غير مسبوق.
وقال “يعيش العالم اليوم في دوامة من الأزمات المتلاحقة التي تتسبب بمخاطر كبيرة تطاول الإنسان، والاقتصاد والاستقرار. موضحًا أن هذه المخاطر التي بدأت تنذر بأزمات عميقة، حيث بات واضحًا أنّ تصاعد التوترات الجغرافية – السياسية، خصوصًا بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، من شأنه أن يضعف الاستثمار التجاري ويعطّل إمدادات النفط العالمية، وإنّ احتدام الاضطرابات في كثير من البلدان، خصوصاً في منطقتنا العربية، يؤدي إلى إضعاف النشاط الاقتصادي، ويُعقّد جهود الإصلاح، وتراجع النمو إلى أقل من المستوى المتوقع، إضافة إلى تفاقم التباطؤ في اقتصادات الأسواق الصاعدة التي أصبحت ضعيفة الأداء نتيجة الضغوط. كما أثرت الحواجز الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، ولا سيما الصين على طبيعة الأعمال، وفاقمت التباطؤ الهيكلي الجاري في كثير من الاقتصادات على مدار العام الماضي.
ونوه إلى أن حدوث تدهور في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض في الصناعة التمويلية والتجارة، وبالتالي إلى تراجع النمو العالمي. موضحًا أن هذه الخلافات التجارية فقط دفع صندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي بنسبة 0.1% للعام 2020 وبنسبة 0.2% للعام 2021.
وقال الأمين العام أن استمرار الاقتصاد العالمي والإقليمي بالتراجع على ضوء تبعات الأزمات المتلاحقة، اقتصادية كانت أم جيوسياسية، إضافة إلى الحروب التجارية من كل حدب وصوب، وما يشهده العالم اليوم من هلع متمثّل بعاصفة فيروس الكورونا التي بدأت تهدد الاقتصاد العالمي، وخطوط التجارة والسياحة والخدمات وغيرها من القطاعات الاقتصادية العالمية، وطاولت أخّيراً الصين وأوروبا ودول اقتصادية كبرى. مشيرًا إلى أن كورونا عرقلت حركة النفط العالمية وخفّض الطلب على مصافي التكرير الصينية، وأدّى هذا الوباء إلى ضرر كبير في صناعة السيارات في الصين وحول العالم، حيث قررت شركات تصنيع سيارات عالمية وقف الإنتاج بمصانعها في الصين بسبب تفشي هذا الفيروس.
وأوضح وسام فتوح أن انتشار الوباء أدى إلى تضرر اقتصادات شرق آسيا بالإجمال، حيث بات التعاون العالمي مطلباً ضرورياً لاحتواء هذا الفيروس وآثاره الاقتصادية، موضحًا أن مديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا قالت خلال منتدى المرأة العالمي، الذي عقد في دبي في 10 شباط/ فبراير الماضي، “من الصعب التنبؤ بتداعيات كورونا على اقتصاد الصين والعالم بدقّة في الوقت الحالي وخفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD توقّعاتها لنمو الاقتصاد العالمي بنصف نقطة مئوية، إلى 2.4%، وهو أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008-2009.
وقال إن دراسة لاتحاد المصارف العربية حول دراسة عن تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكسيت”، أوضحت أنه من المستبعد أن تتأثّر الاستثمارات العربية عامة، والخليجية بشكل خاص، بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خصوصًا أن معظم هذه الاستثمارات تتركّز في قطاع العقارات، وأغلبها استثمارات طويلة الأجل، ولكن من الممكن أن تتأثّر على المدى القصير، بحسب تقديرات بنك إنكلترا المركزي، نتيجة تراجع المؤشرات الاقتصادية، خصوصًا قيمة العقارات بحوالي 30%.
ولفت إلى أن قيمة الاستثمارات الخليجية في بريطانيا تبلغ نحو 200 مليار دولار، يتركّز حوالي 45 ملياراً منها في السوق العقارية.
كما سيكون لخروج بريطانيا تأثير محدود على المصارف العربية العاملة في بريطانيا، حيث تستمر هذه المصارف في عملها بشكل طبيعي، إذ إنها تعمل غالباً لتلبية الاحتياجات التمويلية للشركات العربية والعرب المقيمين في بريطانيا وأوروبا، كما أن تأثير البريكسيت على القطاع المصرفي العربي سوف يكون محدودًا أيضاً، نظراً لمحدودية انكشاف المصارف العربية على الجنيه الإسترليني واليورو.