عز العرب: برنامج الإصلاح حقق الاستقرار والثقة في الاقتصاد

 أكد هشام عز العرب، رئيس اتحاد بنوك مصر، أن الاتحاد أدى دوره بنجاح بالتنسيق والتعاون مع البنك المركزي المصري والجهات المسئولة لتحقيق خطط الإصلاح الاقتصادي، وقام بدوره للحفاظ على الأعراف المصرفية، وأن هناك تناغمًا بين الاتحاد والبنك المركزي المصري في لقاءات ودية لمناقشة المواضيع التي تحتل صدارة اهتمامات الجهاز المصرفي، مثل التحول الرقمي والتمويل العقاري والتمويل متناهي الصغر والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
 أضاف أن الاتحاد خريص على الالتزام بتنفيذ خطة الدولة لتعزيز الشمول المالى؛ ولاشك أن النهوض بصناعة التكنولوجيا المالية، التي تمثل ركيزة من ركائر تحقيق الشمول المالي، يمثل حلقة مهمة من حلقات الإصلاح الاقتصادى، نظرًا لمساهمتها فى وصول الخدمات المصرفية للمواطن بأسعار تنافسية لتحقيق الشمول المالى.

 وطالب عز العرب، خلال قمة مصر الاقتصادية، بأن يكون للعلم دور حيوي بشكل خاص، وهو دور يمكن تعزيزه عن طريق زيادة الاستثمار في العلوم من أجل الاستدامة، وفي مؤسسات العلوم الطبيعية والاجتماعية الموجودة، ويجب أن يلعب العلم دورًا رئيسيًا في دفع عجلة التنمية المستدامة، فيتعين على الجامعات وواضعي السياسات وممولي البحوث زيادة الدعم للبحوث الموجهة، وفقًا لجدول أعمال عام 2030، وفي الوقت نفسه يجب على الباحثين في علوم الاستدامة وغيرها من التخصصات، العمل سويًا لحل مشكلات التنمية وتعزيز واجهة العلوم، السياسة، المجتمع، وتوفير المعلومات للمجتمع وصانعي السياسات التي يمكنهم استخدامها لحل مشكلات التنمية.

 قال عز العرب إن برنامج الإصلاح الاقتصادي نجح إلى حد كبير في تحقيق الاستقرار وتعزيز الثقة في الاقتصاد، واستعادة استقرار الاقتصاد الكلي المحلي، متمثلًا في تراجع عجز الموازنة العامة وخفض الضغط على العملة المحلية، إضافة إلى تحقيق معدل التضخم المستهدف، وقد أدت هذه السياسات إلى تحسين الظروف المالية الكلية ودعم استقرار النظام المالي.
 ومع نجاح تلك السياسات إلا أنه نتج عن تلك الإجراءات تأثيرات اجتماعية واقتصادية سلبية نتيجة لارتفاع التضخم الذى صاحب انخفاض سعر العملة، مما أدى إلى زيادة فى تكلفة المعيشة، كذلك على رغم نجاح الجهود المبذولة فى ضبط الأوضاع المالية العامة، إلا أنها لم تتمكن بعد من خلق الحيز المالى والضرورى للتحول نحو سياسات أوسع للاستثمار فى رأس المال البشرى، وأنه يجب التفكير فى المرحلة الثانية من الإصلاحات التى تركز على المشكلات الهيكلية للحفاظ على استقرار التوازنات الكلية وتحقيق الاستدامة المالية كشرط أساسى لظهور ثمار الإصلاح، التى تفسح المجال أمام مشاركة القطاع الخاص، حيث لابد أن يلعب دورًا رئيسيًا فى دفع الاقتصاد وخلق فرص العمل اللائقة.
 وطالب بالتركيز على الجوانب التنفيذية فى مختلف القطاعات، ووضع هدف محاربة الفقر والبطالة من خلال صياغة السياسات اللازمة لتعديل الظروف والعوامل الهيكلية لها، وفسح المجال أكثر أمام مشاركة القطاع الخاص، وإطلاق إمكانات مصر التصديرية، وإرساء قواعد المنافسة وتوفير فرص متكافئة للشركات بحيث تواجه القواعد نفسها، بغض النظر عن ملكيتها للقطاع العام أو الخاص، وضرورة الاستثمار فى رأس المال البشرى باعتباره الهدف الأهم الذى لا تستقيم من دونه أى إصلاحات أخرى.

 قال إن هناك ضرورة لمواصلة التحول الهيكلى لخلق بيئة أعمال مواتية للمنافسة، وتعزيز دور القطاع الخاص ليكون قادرًا على توليد وظائف أكثر وأفضل، مع تحسن البيئة العامة للاقتصاد الكلى فى مصر، فعلى سبيل المثال لقد حقق القطاع الخاص في الصين إسهامًا في النمو الاقتصادي بما يزيد على 60% من نمو إجمالي الناتج المحلي، ويحقق ما يزيد على نصف الدخل المالي في الصين، وأن الاقتصاد الخاص يقوم بدور أقوى في خلق فرص عمل في الصين، وحملة الابتكار عن طريق تقديم ما يزيد على 80% من فرص العمل، والإسهام بما يربو على 70% من الابتكار التكنولوجي ومنتجات جديدة في البلاد، وإن الشركات الخاصة خلقت ما يزيد على 90% من فرص العمل الجديدة العام الماضي.
 أضاف، أن السياسات الاقتصادية السليمة ليست غاية في حد ذاتها بل هي وسيلة لبناء مجتمعات أكثر رخاءً، لذا فإنه من الضرورة بمكان أن تعمل مصر على تحفيز الاستثمار الداخلى مع الأجنبى – فى ظل عدم وضوح الرؤية بالنسبة لحركة التجارة العالمية والاستثمارات- وذلك بهدف إتاحة مزيد من الفرص للشباب والنساء ودعمها بمزيد من الإصلاحات الفعالة والاستثمارات الخاصة، وكذا توفير وظائف بأجور أعلى وزيادة فرص الحصول على التمويل، فيجب التركيز على الصناعات التى يتم استهلاك مخرجاتها داخليًا مع عدم إغفال الصناعات التصديرية حتى لا يتأثر الميزان التجارى وسعر صرف الجنيه المصرى، خصوصًا إذا ما وضعنا فى اعتبارنا أن حدوث أزمة اقتصادية من الممكن جدًا أن يؤثر على استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المصرية، وهو ما قد يؤدى إلى العودة إلى الأزمة السابقة نفسها إذا لم يتم تحفيز الإنتاج عمومًا، خصوصًا الاستثمار الرأسمالى.
 وأشار إلى أن مصر تعد واحدة من الدول النامية التي عانت دائمًا من مشكلة الديون الخارجية على مدى تاريخها الحديث، فقد شهد الاقتصاد المصري منذ بداية التسعينات تحولات وتغيرات جوهرية في البيئة الاقتصادية؛ وذلك من خلال إتباع سياسات الإصلاح المالي والنقدي وفقًا لبرامج الإصلاح الاقتصادي الذى تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي.
 لفت إلى أن القطاع المصرفى ساهم بدور أهم وبشكل كبير فى إنجاح وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، وتحقيق مستويات الإنجاز فى برنامج الإصلاح تخطت كل التوقعات، وأن القطاع المصرفى العمود الفقرى للاقتصاد والداعم الرئيسى لتنشيطه ودفع عجلة النمو عبر تمويل المزيد من المشروعات بمختلف أنواعها، سواء مشروعات قومية، أو مشروعات صغيرة ومتوسطة، والمشاركة فى التنمية الاقتصادية، مشيرًا إلى أن إجمالي أصول القطاع المصرفي بلغت نحو 5,7 تريليون جنيه في أغسطس 2019، ليسجل معدل نمو بلغ 11% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق وتمثل نسبة أصول القطاع المصرفي نحو 89,8% من إجمالي أصول النظام المالي و113% من الناتج المحلي الإجمالي الإسمي.

 وتابع أن هذا مؤشر يدل على دور البنوك في دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة المستفيدة من التمويل التي تتوزع على أرجاء البلاد، وأنها المحرك الرئيسي لعجلة التنمية الاقتصادية، نظرًا لحاجة قطاع الشركات والمؤسسات والأفراد إلى البنوك في توفير مصادر التمويل باستمرار، ولا يزال هناك هامش واسع للبنوك في الإقراض طبقًا لهذه النسبة.
 لقد أظهر القطاع المصرفي المصري صلابته وقدرته على تجاوز التحديات الاقتصادية الأخيرة بل وساعد الاقتصاد المحلي على امتصاص الصدمات الداخلية والخارجية، وذلك مع استمراره في القيام بدوره في توفير التمويل اللازم لدعم النمو الاقتصادي.
 ونوه إلي أن البنوك اتجهت للاستفادة من التكنولوجيا المالية في إنشاء فروع إلكترونية وتقديم خدمات مصرفية متنوعة التي يسهل الوصول إليها بالاعتماد على البنية التحتية لنظم الدفع، وكذلك تعزيز الشمول المالي والتوسع في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر إدراكًا منها بأهميتها ودورها المحوري في تحقيق النمو الاقتصادى. موضحًا أن ما تشهده الصناعة المصرفية في الفترة الحالية من توجه البنوك العالمية نحو الابتكار والتجديد في مجال التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، فيجب أن يكون التحول الرقمى محورًا أساسيًا لاستراتيجية البنوك للنمو وتمكين الشمول المالي، لتقديم باقة كبيرة من المنتجات والخدمات المالية لقاعدة العملاء، التي تناسب الشرائح مختلفة الحجم من المشروعات والمؤسسات والأفراد والمستثمرين أصحاب الملاءة المالية، وهو ما يسهم بشكل رئيسي في تنامي الثقة في اقتصاديات الدولة مع استكشاف المشكلات والتحديات المشتركة التي تواجهها وكذلك مناقشة الحلول الفعالة في تطوير القطاع ككل.
 وقال عز العرب إن ابتكارات التكنولوجيا المالية تستطيع أن تسهم مساهمة كبيرة في تحقيق الاستقرار المالي، من خلال استخدام التكنولوجيا في ضمان الالتزام بالقواعد التنظيمية وإدارة المخاطر، ويمكنها تيسير التجارة الخارجية والتحويلات، بتوفير آليات تتسم بالكفاءة وفعالية التكلفة للمدفوعات العابرة للحدود، كما يمكن أن يؤدي استخدام وسائل الدفع الإلكترونية إلى رفع كفاءة عمليات الحكومة، ومن من جهة أخرى فإن تطبيقات التكنولوجيا المالية تلعب دورًا مهمًا في توسيع قاعدة العملاء وتعزيز الشمول المالي بإتاحة طرق دفع جديدة ومنخفضة التكلفة لمن لا يمتلكون حسابات مصرفية رسمية.
 وأشار إلى أنه لا يزال هناك العديد من القضايا المطروحة على الساحة المصرفية العالمية بشأن كيفية التعامل مع المستجدات الخاصة بالشأن المالي، سواء من ناحية توسع القطاع المالي الرسمي في تقديم الخدمات وتحسين الشمول المالي، أو من ناحية صيرفة الظل Shadow Banking التي تقوم بها مؤسسات غير مصرفية وتقدم أنشطة الوساطة المالية، إضافة إلى سرعة التطور في خدمات التكنولوجيا المالية Fintech والشركات التي تُقدم الحلول المبتكرة للخدمات والأنشطة المالية المختلفة التي تُحاكي ما تقدمه القطاعات المصرفية، وربما تسعى إلى العمل كبديل عن البنوك.
 ونوه إلى أن أهمية دور التكنولوجيا في تعزيز الشمول المالي، وتغيير معادلة التكلفة، يتيح للمؤسسات المالية التقليدية الوصول بكفاءة إلى الأسواق غير المستغلة سابقًا، وخدمة العملاء بشكل أفضل في كل جزء من الهرم الاقتصادي، فمع المعاملات النقدية لن تستطيع المؤسسات المالية ملاحظة سلوك العملاء، وحاجة الأفراد للحصول على التمويل، ولكن مع وجود التشريعات التي تساعد الأفراد في المناطق النائية، أو القرى في الدلتا ومصر العليا على فتح حساب مصرفي، واستخدام الهاتف المحمول لإجراء عمليات الدفع، سنتمكن حتمًا من ملاحظة سلوك العملاء”، وأن الدولة لن تتمكن من تعزيز الشمول المالي طالما نعتمد على الإجراءات الورقية. مشيرًا إلى أن حسن استغلال التكنولوجيا المصرفية الإلكترونية، ومواكبة تحديات العصر، ومواجهة ضغط منافسة صيرفة الظل ” Shadow Banking” في ظل إطار تنظيمي محكم ذي شفافية في العمل المصرفي بمراعاة ضوابط المنافسة وعدم الاحتكار .هدف نصبو إليه جميعًا.
 تابع: لاشك في أن التحول الرقمي يمثل مرحلة فارقة في الاقتصاد العالمي، وهو أحد أهم عوامل تحقيق النمو في السنوات المقبلة، وأن هناك ضرورة لأن تُعالج عملية دفع وتسريع الاقتصاد الرقمي للتغلب على الفجوة الرقمية الحالية، ولابد من السماح للبنوك بتقديم منتجات جديدة تعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا والتقنيات الرقمية ويجب العمل على تيسير اكتساب المهارات الرقمية الأساسية للتمكن من المشاركة الفعالة والنجاح في المجتمع الرقمي إلى جانب تبادل أفضل الممارسات والدعم الاستشاري لوضع استراتيجيات وطنية شاملة للتحول الرقمي، كما أن هناك حاجة إلى تعزيز ومواءمة بيئات وتشريعات تساعد فى انتشار التكنولوجيا الرقمية على نطاق أوسع، وأن يتم العمل على تهيئة المناخ وتحقيق مرونة أكبر في السياسات والأطر التنظيمية والإدارية بما يكفل تحقيق أكبر مناخ مناسب لعمل ريادة الأعمال وبناء القدرات.

زر الذهاب إلى الأعلى