جرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب عشرة أضعاف المساعدات الانمائية
أكد المستشار/ أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تهديد سلامة واستقرار النظام المالي للدول، ولها تأثيرات سلبية على اقتصاديات الدول، حيث يُقدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة حجم المتحصلات الإجرامية التي يتم غسلها عالميًا في العام الواحد بنحو 2 تريليون دولار، وهو ما يمثل أكثر من عشرة أضعاف حجم المساعدات الإنمائية المتلقاة على مستوى العالم وفقًا للإحصائيات الصادرة عن البنك الدولي خلال عام 2020
وأضاف خلال جاء ذلك خلال إفتتاح ملتقى “مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب” الذي يعقد بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة 1-3 سبتمبر/أيلول 2022 أن مصر تدرك أن مواجهة مثل تلك الجرائم ليست بالأمر اليسير، وإنما يتطلب التصدي لها التعاون المكثف، وبذل الجهد الدؤوب على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي.
وقال ” مع تعقيد الوسائل التي يتبعها المجرمون لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، باتت عملية مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب من الموضوعات الهامة والمعقدة على مستوى العالم؛ موضحا أن مصر تتخذ بشكل مستمر على اتخاذ كافة الإجراءات لمواجهة تلك الجرائم، بما يواكب المستجدات في المعايير الدولية وأفضل الممارسات الدولية في تطبيق تلك المعايير؛ وسيتم إلقاء الضوء على أبرز الجهود المبذولة من قبل جمهورية مصر العربية في هذا الشأن.
وأضاف أن المعايير الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالي FATF نصت على ضرورة التنسيق والتعاون على المستوى الوطني، وتعزيز الشراكات بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني، وذلك بهدف تحديد وفهم مخاطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك تبادل المعلومات والخبرات فيما بينهم؛ مما يسهم بشكل كبير في مواجهة الجرائم المالية.
ولفت إلي أن مصر قامت بإنشاء مجموعة من اللجان لضمان التواصل المستمر بين كافة الأطراف الفاعلة في عملية المكافحة ومنها اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولجنة السلطات الرقابية على أصحاب المهن والأعمال غير المالية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ كما نص قانون مكافحة غسل الأموال على أن يتم تعيين مسئول التزام بالمؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية للتواصل معه مباشرة من قبل الجهات الوطنية المعنية.
ولفت إلي أن المعايير الدولية أكدت على ضرورة وجود فهم واضح وموحد لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب لدى مؤسسات الدولة المختلفة؛ موضحا أن مصر قامت من خلال التنسيق والتعاون بين كافة الأطراف المعنية بوضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بمرحلتيها الأولى والثانية، وإجراء التقييم الوطني للمخاطر للوقوف على أكثر القطاعات استغلالًا للقيام بتلك الجرائم ومصادر تمويلها والوسائل المستخدمة في تنفيذها، ويتم مشاركة نتائج التقييم الوطني للمخاطر وتعميمها، ذلك أن عدم وجود مستوى جيد من فهم المخاطر يؤدي إلى إهدار الموارد للقطاعات مرتفعة المخاطر، ومن ثم يتم ترك ثغرات تمكن المجرمين من النفاذ للقطاعات الأكثر ضعفًا لتنفيذ عملياتهم.
قال المستشار/ أحمد خليل، أن التطور الهائل الذي شهده العالم في السنوات القليلة الماضية في مجال تكنولوجيا المعلومات أثر بشكل كبير على شتى المجالات، ومن بين آثار هذا التطور ابتكار العملات الافتراضية التي تهدف إلى تمكين مستخدميها من سداد التزاماتهم إلكترونيًا ونقل الأموال إلى أي مكان في العالم دون الحاجة إلى وسيط يتولى عمليات تحويل الأموال ودون أن تخضع هذه التحويلات لرقابة أي جهة، مع صعوبة تعقب العمليات، مما قد يساهم في استغلالها في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الأمر الذي يستلزم جهودًا كبيرة للتعامل مع تلك الظاهرة.
وأشار إلي أن مصر قامت بوضع الإطار التشريعي لتنظيم التعامل في العملات الافتراضية بعد إجراء البحوث والدراسات اللازمة في هذا الشأن، ذلك أنه بموجب التشريعات المصرية يحظر إصدار العملات المشفرة أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة.
أكد خليل، على ضرورة أن تتضمن نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التدابير الوقائية التي يتعين على المؤسسات المالية وغيرها من الأعمال والمهن غير المالية مثل المحامين والمحاسبين، والتي تمثل خط الدفاع الأول ضد جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تنفيذها؛
وأوضح أن هذه التدابير تشمل إجراء التقييم الذاتي للمخاطر، ووضع السياسات الداخلية للمكافحة، وتطبيق العقوبات المالية المستهدفة، واتخاذ إجراءات العناية الواجبة بما يشمل الإجراءات الكافية للتعرف على المستفيد الحقيقي، ذلك أن معرفة المستفيد الحقيقي والتحقق منه من الأمور المهمة التي تركز عليها مجموعة العمل المالي، حيث يلجأ العديد من المجرمين إلى إخفاء هوياتهم واستخدام أشخاص آخرين شرعيين كواجهة لأعمالهم، سواء على مستوى التعاملات الفردية أو التجارية، ويؤدي عدم التعرف على المستفيدين الحقيقيين من المجرمين إلى استمرار أعمالهم الإجرامية وغسل متحصلاتها.
ولفت إلي أن المعايير الدولية أشارت إلى ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالإرهاب وتمويله وتمويل انتشار التسلح، وركزت على ضرورة قيام كل شخص طبيعي واعتباري بتطبيق العقوبات المالية المستهدفة دون تأخير، مع تحديد الجزاءات في حالة عدم التطبيق. مشيرا إلي أنه في ضوء عضوية مصر في منظمة الأمم المتحدة واستجابة للمعايير الدولية قامت مصر بوضع الآليات اللازمة لتطبيق العقوبات المالية المستهدفة، وتشمل تلك الآليات الإجراءات المتعلقة بتجميد الأموال والأصول الخاصة بالأسماء المدرجة على قوائم جزاءات مجلس الأمن، وإجراءات رفع التجميد، وكيفية رفع الأسماء من القوائم، والوسائل التي يمكن من خلالها تقديم طلب للحصول على نفقات أساسية واستثنائية من الأموال والأصول المجمدة، كما تم إجراء تعديل تشريعي لتحديد الجزاءات الموقعة على كل من يخالف الالتزامات الواردة بالآليات المشار إليها.
وأكد على أهمية الدور الذي تلعبه وحدات التحريات المالية حيث تقوم بتحليل وتوزيع تقارير المعاملات المالية المشبوهة التي تتلقاها من جميع المؤسسات المالية والمهن والأعمال غير المالية، فتُجري تلك الوحدات تحليل تشغيلي يستخدم المعلومات المتاحة، بهدف الوصول إلى النشاط الإجرامي واكتشاف الشبكات الإجرامية، كما تُجري تحليل استراتيجي لتحديد الأنماط التي يتم اتباعها لارتكاب تلك الجرائم.
ولفت إلي أن التقرير التفصيلي لتدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر أشاد بالجهود المبذولة من جانب الجهات الوطنية المصرية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، سواء من حيث الالتزام الفني بتوصيات مجموعة العمل المالي، أو فعالية النظم المُطبقة لمكافحة تلك الجرائم.
وأشار تقرير التقييم المتبادل لمصر ، والمؤرخ مايو 2021، إلى أنه لدى مصر فهم جيد لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تتعرض لها، كما تبنت مصر استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب وتمويله تتميز بالمرونة وفقًا للمستجدات الدولية والمحلية التي تطرأ على تلك الظاهرة، وأشاد التقرير بتعاون مصر مع الدول الأخرى، ووصفه بالتعاون الفعال مع مختلف دول العالم؛ إلى جانب ذلك.
وأشار التقرير إلى تبني مصر آليات فعالة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالإرهاب وتمويله وتمويل انتشار التسلح؛ كما أكد على تمتع الوحدة المصرية بقدرة كبيرة على الوصول المباشر وغير المباشر إلى شريحة واسعة من المعلومات المالية والاستخباراتية وغيرها من المعلومات ذات الصلة أثناء النظر في قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها وتمويل الإرهاب.