تعرّف على قصة المعلم من الصفر للمليارات.. بدأ بـ180 جنيهًا
يستعرض الدكتور محمد عادل العجمي، الكاتب الصحفي، في حلقة جديدة على “قناة صباح البنوك“، تجربة رجل الأعمال عثمان أحمد عثمان، ويستهدف من العرض تقديم تحفيز وطاقة إيجابية للشباب على العمل وعدم الاستسلام للإحباط، وأن التوكل على الله والعمل والجد وتحديد الهدف من المؤكد أنه سيصل بالإنسان إلي النتيجة.
وهذه هي سطور مختصرة من كتاب تجربتي لعثمان أحمد عثمان، الذي أسس أكبر شركة مقاولات في الشرق الأوسط وأفريقيا.
كان يعيش تحت خط الفقر، خرج من رحم ومعاناة الحياة الصعبة، توفي والده وهو في سن الثالثة، يجد نفسه وخمسة من الأخوة من دون عائل للأسرة، فقررت الأم أن تبدأ رحلة الحياة الصعبة مع أولادها، ورفضت الزواج وقالت: “لن أسعد نفسي، ويشقي أولادي”، خرج من بيت صغير حجرتين مبني بالدبش والطين، وسقفه عبارة عن “تعريشه” من الخشب والعروق والجريد، والنوم على الأرض لا سرير ولا كنبه، الأم تخبز الخبز وتربي الطيور في حوش ما تبقي من مساحة البيت، وخرج الابن الأكبر 12 سنة ليساعد الأم على تربية أخوته.
قدم شهادة فقر لكلية الهندسة من أجل الإعفاء من المصاريف السنوية، كانت أربعون جنيهًا، وجمع عجلة حتي يذهب من سكنه إلي الجامعة، كانت حياة أصعب من ملايين الشباب اليوم، ولكن أصبح من أغني رجال الأعمال في مصر.
إنه المهندس عثمان أحمد عثمان، ولد 6 أبريل 1917 في حارة عبدالعزيز، المتفرعة من شارع مكة، بحي العرب، بالإسماعيلية، تعالوا نعرف نعيد إحياء قصته من أجل استلهام روح العزيمة والصبر والقدوة لتحقيق النجاح المالي
عثمان أحمد عثمان ولد 6 إبريل 1917 وتوفي 1 مايو 1999) مهندس، مقاول، رجل أعمال، سياسي مصري. لقب وأشتهر بالمعلم، أسس شركة المقاولون العرب (أكبر شركة مقاولات عربية في الفترة ما بين عقدي الستينات والثمانينات شارك بدور بارز في بناء السد العالي، وذهب مع أنور السادات إلى القدس بعد انتصار أكتوبر، وشغل منصب وزير الإسكان والتعمير، وعضوًا في البرلمان وغيرها من المناصب.
ولكن أنا هنا استخلص من كتابه “صفحات من تجربتي” 650 صفحة، رسائل للشباب حتى لا يظن أن الفقر عيب أو معوق لكي يحقق النجاح المالي. أخاطب الشباب العربي الذي يفني عمره في الكلام ويحطم نفسه بنفسه، وهو لا يدري بالطاقة السلبية التي يشحن بها نفسه ليلًا ونهارًا مع شباب فاقد الهدف والأمل في حياة كريمة.
كانت حياة الملياردير أصعب من حياة الملايين الآن، ولكن لم يستسلم للفقر، خرج من رحم المعاناة والظروف الصعبة، والألم إلي حياة كريمة صنعها بنفسه بعد أن اعتمد على الله وتوكل عليه حق التوكل، ولم ينتظر أن يأتي له الرزق بل سعى في الأرض ليكون أكبر شركة مقاولات في الوطن العربي وأفريقيا.
توفى والده وهو في الثالثة من عمره، وترك خلفه أسرة مكونة من ستة أطفال، أكبرهم لم يتجاوز الثانية عشرة، ورفضت أمه الزواج، وأمام الظروف الصعبة، لم تجد الأم حلًا سوى خروج الابن الأكبر ليعمل في محل والده للبقالة، وبسبب كساد التجارة أفلس المحل، وزادت الأمور صعوبة، حتى وجدت الأم وظيفة للابن الأكبر أحمد في بنك التسليف الزراعي بالإسماعيلية مقابل ثلاثة جنيهات في الشهر، لتعين الأم على مواصلة مشوارها مع الحياة.
تعلم عثمان من مدرسة الأم التي لا تعرف القراءة والكتابة، الصلاة والأخلاق، والحب والتضحية، وعزة النفس، وإنكار الذات، والعمل بجد، من دون كرهية لأحد، أو حسد.
بدأ عثمان حياته وهو طفل عندما قام بزراعة حوش البيت وهو مساحة بسيطة حيث جهز الأرض، ووضع البذور، وقام برعاية الأرض حتي خرج المحصول، فكان الدرس من جد وجد، ومن زرع حصد، والرزق لا يسعى إلى الإنسان، ولكن كما قال الله سبحانه وتعالي (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه)، وتعلم من الزراعة الصبر، وقال سبحانه وتعالي (وبشر الصابرين).
لم يكن يعرف عثمان المصروف الخاص، وكل طموح الأسرة أن توفر الطعام والشراب، وفي يوم فوجئت أمه بوجود قطع نقود معدنية في جيبه فسألته بدهشة عن مصدرها، فقال إنه قرر العمل “صبي ميكانيكي” عند علي إسماعيل الميكانيكي، وكان أجره 25 قرشًا في الأسبوع. حلم طفولته أن يصبح صاحب شركة مقاولات كبيرة، وكان إعجابه بنجاح خاله الذي لا يعرف القراءة أو الكتابة، فقد كان مقاولًا كبيرًا بالإسماعيلية.
“ليس هناك على الأرض أقوى من رجل عاش من أجل فكرة”
لم يستطع دخول كلية الهندسة إلا بعد أن أحضر شهادة الفقر، يوقع عليها شيخ الحارة وقسم الشرطة، لأنه لا يملك مصاريف الكلية وقدرها 40 جنيهًا. وجمع لنفسه دراجة بخارية لتكون وسيلة الانتقال من مسكنه للجامعة عند التخرج أعطاها للفراش، ولكن كانت الصدمة الكبرى في حياته بعد التخرج عندما توفيت أمه.
بدأت قصة نجاحه المالي مبكرًا عندما زرع الحوش ليوفر لأهله بعض الخضراوات، وعندما عمل ميكانيكي، وعندما جمع دراجته، وغيرها، أما حياته العملية فكانت بعد التخرج، ذهب للعمل مع خاله ليكتسب الخبرة. فقد اكتسب التعليم من الجامعة في كلية الهندسة، وتبقي الخبرة والمال ليبدأ طريق الغنى.
وبعد أن اكتسب الخبرة قرر الانفصال عن خاله، رفض خاله في البداية، ولكن وافقه الرأي وذهب للحسابات ليحصل على باقي مستحقاته فوجد 180 جنيهًا، فدهش فأخبره خاله أن راتبه زاد ولكن ادخر الزيادة له عند خروجه، وزاد من 18 جنيهًا إلي 24 جنيهًا، ليس بسبب أنه قريب، ولكن لأنه أعطى نفسه بالكامل للعمل، فكان يذهب لموقع العمل مع شروق الشمس قبل أن يذهب أصغر عامل، وكان يغادر موقع العمل عند الغروب.
كانت أمه تقول له” اخسر القرش.. ولا تخسر الرجل… فالمال يعوض… أما الرجل فلا يعوض” ، وهو يقول “خسارة المال ضئيلة مهما كبرت، وخسارة الرجال كبيرة مهما صغرت”.
ويقول تمكنت من بناء المقاولون العرب، ليس بالمال، ولكن بالعلاقات الإنسانية الطيبة التي جعلت قلوب الناس كلها معي. فحولتها من مجرد فكرة إلي كل هذا الكيان العملاق.
بدأت الشركة من حجرة بحي الأفرنجي بالإسماعيلية، خصصه له احد أقارب والدته. استخرج أول سجل تجاري لمزاولة نشاط المقاولات “عثمان احمد عثمان” مهندس ومقال.
واجه انتقادات شديدة لأنه مهندس وليس مقاولًا، ونصحه الجميع بأن يصبح مهندس “ري” قد الدنيا، ولكن واصل المشهور من دون أن ينظر لهذه الانتقادات. لم يكن معه رأسمال كافٍ ولا “عدة الشغل” اللازمة، فقط كان معه الإمكانات الفنية والرغبة في تحقيق حلم وفكرة سيطرت عليه. وكانت أول عدة شغل ستة عروق ولوح وسقالة بقيمة مائة وستة جنيهات، ليبدأ بها مشوار الملايين.
الرجل تعرض لازمات كثيرة متعددة في مشوار حياته، في كل مرة “ربنا يسهل”
كان في بداية مشهورة، وطلب معاونه مائة وثلاثين جينهًا كأجور عمال وصنايعية وثمن بعض مواد البناء، وعجز عن تدبير المبلغ، وقال له ربنا يسهل” وخرج في شوارع الإسماعيلية وكان تدبير المبلغ يسيطر على تفكيره في الوقت الذي كان الحاج احمد ابو ذكري مشغولًا بأمل إصلاح “سحارته” التي يروي منها أرضه بناها أكثر من مرة وفي كل مرة تنهار، وعندما شاهد المهندس طلب منه النصيحة، فقال له نصلي ظهر الجمعة ثم أذهب معك لفحصها، واستلف ميزان مياه وذهب، وعرف العيب وأصلحه ثم ذهب لبيته وفوجئ بالحاج أحمد يرسل له ظرفًا به 150 جنيهًا، على رغم أن ما بذله في إصلاح السحارة أقل.
الأمر في أوله وآخره لله
للاشتراك في “قناة صباح البنوك” اضغط هنا