خفض الفائدة والهجمات على السفن ينقذان النفط من أدنى مستوياته
كشف التقرير الشهري لكامكو انفست حول أداء أسواق النفط العالمية في ديسمبر أن أسعار النفط الخام
وصلت إلى أدنى مستوياتها المسجلة في خمسة أشهر الأسبوع الماضي على خلفية المخاوف المتعلقة بالطلب إلى جانب زيادة إمدادات السوق.
إذ تم تداول العقود الآجلة لمزيج خام برنت دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل ليصل إلى 73.2 دولار أمريكي في 12 ديسمبر 2023، فيما يعد أدنى مستوى يصله منذ نهاية يونيو 2023.
كما أدى ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة بوتيرة هامشية على أساس شهري في نوفمبر 2023 إلى التأثير سلباً على معنويات
السوق، حيث كان من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مما سيؤثر على الطلب على النفط.
إلا ان الانخفاض المفاجئ لمخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي
وكذلك الهجمات التي استهدفت الناقلات في البحر الأحمر، أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 4.6 في المائة خلال جلستي التداول التاليتين.
وتم تسجيل مكاسب إضافية بعد أن قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير
وأشار إلى أن أسعار الفائدة قد بلغت ذروتها وأن خفض أسعار الفائدة العام المقبل مطروح على طاولة النقاش.
كما أن الانخفاض الحاد الذي شهده الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية
ووصوله إلى أدنى مستوياته المسجلة في أربعة أشهر على خلفية الاشارة الى
وصول أسعار الفائدة إلى ذروتها ساهم في ارتفاع أسعار النفط هذا الأسبوع.
من جهة أخرى، فإن التخفيضات الطوعية الإضافية لحصص إنتاج النفط بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا
التي أعلنت عنها الأوبك وحلفائها لم يكن لها سوى تأثيراً ضئيلاً على الأسعار.
ومن المقرر ان يتم تنفيذ هذه التخفيضات خلال الربع الأول من العام 2024،
على أن يتم التراجع عنها تدريجياً حسب ما تقتضيه أوضاع السوق.
أسعار الفائدة
وأشارت أحدث الاستطلاعات الاقتصادية إلى خفض أسعار الفائدة بدءاً من منتصف العام المقبل
وتراجع إمكانية الدخول في حالة من الركود نتيجة للهبوط الناعم للنمو الاقتصادي.
كما يتوقع أيضاً أن يتجه التضخم نحو الانخفاض، ويقترب تدريجياً من مستوى 2 في المائة المستهدف،
وذلك على الرغم من أن معدل التضخم الأساسي ما يزال مترسخاً.
وكشفت أحدث قراءة لتصويت الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة عن توقع 17 من أصل 19 مسؤولا بالمركزي الأميركي
أن تنخفض أسعار الفائدة بنهاية العام 2024 عما هي عليه الآن، ولم يتوقع أي منهم رفع أسعار فائدة.
الطلب على النفط
وعلى صعيد الطلب، أبقت الأوبك على نظرتها المتفائلة بشأن توقعات الطلب على النفط للعام المقبل
حيث حافظت على توقعاتها الصادرة في تقريرها السابق لشهر ديسمبر 2023. من جهة أخرى،
كشف أحدث تقرير شهري صادر عن وكالة الطاقة الدولية تباطؤ الطلب بوتيرة حادة في الربع الرابع من العام 2023 وفي العام 2024.
وعزت الوكالة ذلك إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي في الدول الرئيسية.
وأظهر تقرير صادر عن وكالة بلومبرج أنه من المتوقع أن يتباطأ نمو الطلب في الصين العام المقبل في ظل بدأ تلاشي الطلب المكبوت بعد الجائحة.
ومن المتوقع أن نشهد اتجاهاً مماثلاً للطلب على النفط في الهند،
حيث من المتوقع أن يشهد الاستهلاك نمواً بوتيرة أقل بكثير مقارنة بعامي 2022 و2023.
ومن المتوقع أن تشكل آسيا الجزء الأكبر من نمو الطلب العالمي على النفط العام المقبل،
كما يتوقع أن تلعب الهند دوراً جوهرياً في تعويض التباطؤ الاقتصادي للصين.
أما على صعيد الفئات المختلفة للمنتجات، ما يزال وقود الطائرات يتميز بفرص هائلة غير مستغلة، يليه البنزين في بعض الأسواق.
أما على صعيد العرض، انخفض إنتاج الأوبك للمرة الأولى منذ أربعة أشهر في نوفمبر 2023.
ووصل متوسط الإنتاج اليومي إلى 28.1 مليون برميل يومياً، وفقا لبيانات وكالة بلومبرج،
بعد أن أعلنت عشرة من أصل ثلاثة عشر دولة ضمن المجموعة عن انخفاض انتاجها على أساس شهري.
من جهة أخرى، ظل إنتاج النفط في الولايات المتحدة عند مستويات قياسية قريبة من 13.1 مليون برميل يومياً كما في الأسبوع المنتهي في 8 ديسمبر 2023.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
تم تداول النفط دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل خلال أول أسبوعين من شهر ديسمبر 2023 على خلفية المخاوف المتعلقة بجبهة الطلب، في الوقت الذي وصل فيه الإنتاج الأمريكي إلى مستويات قياسية.
وانخفضت الأسعار على مدار سبعة أسابيع متتالية حتى الأسبوع المنتهي في 8 ديسمبر 2023،
تبع ذلك تسجيل مكاسب هامشية بنسبة 0.9 في المائة الأسبوع الماضي.
ويعكس هذا التراجع ضعف توقعات الطلب من الصين إلى جانب توقعات تباطؤ الطلب من الهند في العام 2024.
وتعتبر تلك الدولتان هما السبب الرئيسي لنمو الطلب العام الماضي،
إلا انه في ظل تلاشي الطلب المكبوت منذ الجائحة فيما يتعلق بالسفر والاستهلاك،
تتجه كافة الأنظار للتركيز على النشاط الاقتصادي في هاتين الدولتين.
وفي الصين، قد لا يكون لحزم التحفيز الاقتصادي التي تم الإعلان عنها مؤخراً
والضخ النقدي بمستويات قياسية سوى تأثير ضئيل على النمو الاقتصادي، إلا أن تأثيرها المباشر على القطاع العقاري كان إيجابياً.
وفيما يتعلق بفئات المنتجات، من المتوقع أن يزداد الطلب على زيت التدفئة في الصين بسبب موجة البرد،
وذلك على الرغم من أن ذلك الارتفاع قد يقابله ضعف استهلاك وسائل النقل.
كما أظهرت العقود الآجلة للنفط أيضاً مؤشرات دالة على ضعف الأداء في ظل رؤية ضغوط هبوطية في كافة مراكز التسعير العالمية الرئيسية.
وكشفت تقرير وكالة بلومبرج أن العديد من فروق تسعير العقود الآجلة
قد اتخذت هيكل كونتاجو، أي أن أسعار العقود المستقبلية أعلى من الأسعار الفورية، مما يشير إلى وجود فائض في المعروض في السوق، خاصة على خلفية تزايد إمدادات الولايات المتحدة، الأمر الذي ساهم في تعويض خفض حصص انتاج الأوبك وحلفائها.
وأضاف المتداولون أن سوق النفط الفعلية ظلت تتمتع بإمدادات جيدة.
وتراجعت أسعار كافة فئات الخام تقريباً للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر 2023.
إذ انخفض متوسط سعر مزيج خام برنت بنسبة 8.9 في المائة ليصل إلى 83.1 دولار أمريكي للبرميل.
وكان تراجع متوسط سعر سلة الأوبك المرجعية وخام التصدير الكويتي أقل قليلاً بنسبة 7.5 في المائة و7.1 في المائة، وصولاً إلى 84.9 دولار أمريكي للبرميل و86.3 دولار أمريكي للبرميل، على التوالي.
وفي ذات الوقت، تم خفض التقديرات المجمعة لسعر مزيج خام برنت مقارنة بتوقعات الشهر الماضي.
ومن المتوقع الآن أن تصل الأسعار إلى 87.0 دولار أمريكي للبرميل بنهاية الربع الرابع من العام 2023 مقابل 90.0 دولار أمريكي
للبرميل المتوقعة الشهر الماضي لهذا الربع. كما تم خفض توقعات الربعين المقبلين، وفقاً لتقديرات الاجماع التي اصدرتها وكالة بلومبرج.
كما خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها للنفط في تقريرها الأخير الخاص بالتوقعات.
وتتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت 82.4 دولار أمريكي للبرميل،
في حين كانت توقعاتها السابقة تبلغ 83.99 دولار أمريكي للبرميل.
أما بالنسبة للعام 2024، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يبلغ متوسط سعر مزيج خام برنت 82.57 دولار أمريكي
للبرميل مقابل توقعاتها السابقة البالغة 93.24 دولار أمريكي للبرميل.
الطلب العالمي على النفط
أبقت منظمة الأوبك على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط للعام 2023 دون تغيير وفقاً لتقريرها الشهري الأخير عند مستوى 2.5 مليون برميل يوميا لتصل إلى 102.11 مليون برميل يوميا.
إلا انه تم تحديث التقديرات على مستوى كل دولة على حدة وخفض بيانات الطلب للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ في الربع الثاني من العام 2023 والربع الرابع من العام 2023،
وهو الأمر الذي قابله رفع بيانات الطلب للدول الأمريكية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتعكس هذه الزيادة تحسن معدل النمو بصورة أفضل من المتوقع بصفة رئيسية في كندا.
وخضعت الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضاً لمراجعات حيث شهدت بيانات الطلب في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا مراجعات هبوطية للربعين الثالث والرابع من العام 2023، والذي قابله مراجعة تصاعدية لبيانات الصين ومناطق آسيا وأمريكا اللاتينية الأخرى.
كما تم الإبقاء على تقديرات العام 2024 دون تغيير، مع توقع نمو الطلب بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً ليصل إلى 104.4 مليون برميل يومياً.
من جهة أخرى، كانت توقعات وكالة الطاقة الدولية أضعف مقارنة بتوقعات الأوبك، حيث توقعت الوكالة أن يتباطأ الطلب بشكل حاد العام المقبل.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تؤثر الرياح المعاكسة على الاقتصاد الكلي على نمو الطلب على النفط في العام 2024 والذي من المتوقع أن يصل إلى 930 ألف برميل يومياً مقابل نمو قدره 2.4 مليون برميل يومياً خلال العام الحالي.
وقالت الوكالة إن النمو هذا العام يعكس الطلب المكبوت بعد الجائحة، في حين أن تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي سيؤثر على استهلاك معظم المنتجات في العام 2024.
العرض من خارج الأوبك
تراجع الانتاج العالمي من السوائل النفطية خلال شهر نوفمبر 2023 بعد أن شهد زيادة الشهر الماضي. ووفقا للبيانات الأولية، بلغ متوسط إمدادات النفط العالمية 101.74 مليون برميل يوميا بعد انخفاض شهري قدره 0.43 مليون برميل يوميا.
ووفقا لمنظمة الأوبك، يعزى هذا الانخفاض إلى تراجع إنتاج المنتجين من خارج الأوبك. إذ تراجع انتاج الموردين من خارج الأوبك بنحو 0.4 مليون برميل يومياً خلال الشهر، وبلغ متوسط الإنتاج 73.9 مليون برميل يومياً نتيجة لانخفاض الإنتاج في روسيا وكازاخستان والذي قابله ارتفاع الإنتاج من دول آسيا الأخرى وكندا ودول أوروبا الأسيوية الأخرى.
وفيما يتعلق بالتوقعات للعام بأكمله، أبقت الأوبك على تقديرات نمو العرض من خارج الأوبك للعام 2023 دون تغيير عند مستوى 1.8 مليون برميل يوميا، مع توقع أن يبلغ متوسط الإنتاج 67.6 مليون برميل يومياً.
إلا انه كانت هناك مراجعات على مستوى كل دولة على حدة خلال الشهر. وشهدت تقديرات الإمدادات لأمريكا اللاتينية، وخاصة البرازيل (+30 ألف برميل يومياً) مراجعة تصاعدية تم تعويضها بالكامل بمراجعة تنازلية لإمدادات المملكة المتحدة (-10 ألف برميل يومياً) وأذربيجان (-13 ألف برميل يومياً).
كما تم الابقاء على توقعات نمو العرض للعام 2024 دون تغيير عند مستوى 1.4 مليون برميل يومياً، مع وصول متوسط العرض من خارج الأوبك إلى 69.0 مليون برميل يومياً. إلا انه على الرغم من ذلك، تمت مراجعة بيانات العرض الخاصة بأذربيجان والتي من المتوقع أن تتمكن العام المقبل من تعويض خسائر إنتاجها التي منيت بها في العام 2023، في حين خضعت عمان وكازاخستان لمراجعات هبوطية قدرها -10 برميل يومياً و-20 برميل يومياً، على التوالي.
إنتاج الأوبك
تراجع إنتاج الأوبك للمرة الأولى منذ أربعة أشهر خلال شهر نوفمبر 2023. إذ وصل إجمالي الإنتاج إلى 28.1 مليون برميل يومياً خلال الشهر مسجلاً انخفاضاً قدره 140 ألف برميل يومياً، وفقاً لبيانات وكالة بلومبرج، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى زيادة تراجع إنتاج 10 من أصل 13 دولة منتجة للنفط.
وشهد كافة كبار المنتجين في المجموعة تقريباً، باستثناء السعودية، انخفاضاً هامشياً في الإنتاج. كما كشفت بيانات الإنتاج من مصادر الأوبك الثانوية أيضاً عن تسجيل انخفاضاً بنسبة قليلة نسبياً في الإنتاج خلال الشهر بمقدار 57 ألف برميل يومياً، مع وصول إجمالي الإنتاج إلى 27.9 مليون برميل يومياً خلال الشهر.
ويعزى هذا التراجع، وفقاً لمنظمة الأوبك، إلى الانخفاض الحاد لإنتاج العراق (-77 ألف برميل يوميا) وأنجولا (-37 ألف برميل يومياً)، بينما شهد باقي الأعضاء إما زيادات هامشية أو ثبات معدلات الإنتاج خلال الشهر.
وأظهرت تقارير صادرة عن الأوبك ووكالة بلومبرج تسجيل إنتاج السعودية لنمو هامشي وصل إلى ما يقرب من 9.0 مليون برميل يومياً.
