التجارة الدولية توجه ضغوط التباطؤ الاقتصادي
التجارة الدولية توجه ضغوط التباطؤ الاقتصادي
توقع بنك قطر الوطني أن تواجه التجارة الدولية ضغوطاً في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي،
وتزايد سياسات الحمائية التجارية، والتوترات الجيوسياسية.
وقدر أن يكون نمو التجارة من حيث الأحجام أقل من 2 بالمائة هذا العام،
وأن يظل أضعف من المتوسط طويل الأجل خلال السنوات القادمة.
وأشار بنك قطر الوطني في تقريره الأسبوعي إلى أن عام 2022 شهد تباطؤا حادا في النشاط التجاري
بسبب البيئة الصعبة المرتبطة بتباطؤ النمو وارتفاع التضخم، مرجعا ذلك إلى ثلاثة عوامل ستؤثر على نمو أحجام التجارة في المستقبل.
ولفت التقرير لدى تناوله العنصر الأول إلى تباطؤ التجارة الدولية في المدى القصير بسبب الديناميكيات الدورية،
مشيرا إلى أن التجارة زادت بنسبة 2.7 بالمائة العام الماضي من حيث الحجم
لكنها تراجعت بشكل كبير من الطفرة التي أعقبت جائحة /كورونا/ عام 2021.
واعتبر البنك أن التركيز على الأحجام، بدلاً من القيم، مهما بالنظر إلى أن التقلبات الكبيرة في أسعار السلع
يمكن أن تحرف القياسات، كما حدث خلال عام 2022.
وقال التقرير: ستستمر هذه العوامل الدورية في التأثير على نمو التجارة مستقبلا،
وعلى الرغم من توقع إنهاء دورات التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى في الأشهر المقبلة،
فإن بيئة ارتفاع أسعار الفائدة ستزيد التباطؤ في الاقتصادات المتقدمة وستؤثر على طلب تلك الدول للواردات من خلال تشديد الظروف المالية.
وأشار التقرير لدى تناوله العامل الثاني إلى استمرار السياسات الحمائية في الانتشار على مستوى العالم،
حيث أصبح تزايد الحمائية ملحوظا في الإحصاءات المرتبطة بالسياسات التجارية في جميع أنحاء العالم،
فقد زاد عدد القيود التجارية المفروضة على السلع من مستويات أقل من 750 سلعة سنويا قبل 2019 إلى أكثر من 1700
سلعة سنويا في عامي 2021 و2022 على خلفية الجائحة والصراع الروسي الأوكراني
مما يؤثر بشكل سلبي على التجارة.
وذكر التقرير في هذا السياق أن الولايات المتحدة سنت قانون “إنشاء حوافز مفيدة لإنتاج أشباه الموصلات”،
فضلاً عن قانون “خفض التضخم”.
وأشار إلى أن هذه البرامج تهدف إلى توجيه مليارات الدولارات من خلال الإعفاءات الضريبية
والإعانات على مدى السنوات العشر القادمة لتعزيز صناعة أشباه الموصلات المحلية، والبحث والتطوير،
وتسويق التقنيات المتطورة بالإضافة إلى البنية التحتية للطاقة النظيفة.
وتابع “بالمثل، اتخذت أوروبا والصين تدابير لاستبدال التكنولوجيا المستوردة ببدائل محلية من أجل تقليل الاعتماد على المنافسين الجيوسياسيين وتعزيز القدرة التنافسية.”
وأشار التقرير إلى أن التوترات الجيوسياسية المستمرة والمتصاعدة
تؤثر على شبكات سلاسل التوريد العالمية وهو مؤشر على تطورات التجارة في المستقبل.
وأضاف ” بالنظر إلى أن تدفقات التجارة الدولية تتحدد إلى حد كبير بالاستثمارات السابقة
في قدرات الإنتاج عبر البلدان، فإن التطورات الجارية في الاستثمارات الأجنبية المباشرة تقدم معلومات عن الاتجاهات المستقبلية في التجارة”.
وأشار التقرير إلى تدني إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي إلى أقل من 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في السنوات الثلاث الماضية،
وهو أدنى مستوى له منذ تسعينيات القرن الماضي. علاوة على ذلك، أصبحت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر مدفوعة بشكل متزايد بما يعرف بـ”دعم الأصدقاء”، بدلا من اعتبارات الأعمال.
وتثير الأحداث الجيوسياسية، مثل التنافس الاستراتيجي بين الصين وأمريكا والحرب في أوروبا الشرقية، اهتمام الشركات بتحويل الإنتاج إلى مواقع جديدة ذات مواقف وتطلعات جيوسياسية مماثلة.
على سبيل المثال، تعمل الولايات المتحدة على نقل استثماراتها الأجنبية المباشرة من الصين وفيتنام إلى دول أخرى ” صديقة ” مثل كوريا الجنوبية وكندا.
واعتبر التقرير أن “إعادة ترتيب شبكات سلسلة التوريد العالمية بناء على الاعتبارات الجيوسياسية ينطوي على اختلال الإنتاج من الأساس المنطقي الاقتصادي الذي كان يركز على تحسين الأرباح”
متوقعا أن يؤثر هذا الأمر على تطورات التجارة في المستقبل.