114 مليار دولار خسائر الفيدرالي الأمريكي لماذا؟
114 مليار دولار خسائر الفيدرالي الأمريكي لماذا؟
تكبد مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي في الولايات المتحدة) خسارة تشغيلية قدرها 114.3 مليار دولار العام الماضي
وهي أكبر خسارة غير مسبوقة في تاريخه، وعزت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية ذلك إلى حملته القوية لدعم الاقتصاد الأمريكي في عامي 2020 و2021،
ثم رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع، بالإضافة لعوامل أخرى.
وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، أن ذلك جاء في إعلان البنك المركزي الأمريكي النتائج الأولية غير المدققة لبياناته المالية لعام 2023 يوم الجمعة الماضية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الخسائر للبنك المركزي الأمريكي، تضاف إلى العجز الكبير في ميزانية الحكومة الأمريكية
والتي تطلب مزادات أكبر لديون وزارة الخزانة.
ووفقا لوزارة الخزانة الأمريكية فإنه في العام 2023 تم عقد 428 مزادا عاما، حيث يتم بيع الأوراق المالية القابلة للتداول
من خلال تلك المزادات، وأنه تم إصدار 22 تريليون دولار من الأوراق المالية القابلة للتداول.
ولفتت الصحيفة إلى أن خسائر الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن تستمر طالما ظلت أسعار الفائدة قصيرة الأجل قريبة من المستويات الحالية
محذرة من احتمالية أن يؤدي ذلك إلى تأجيج هجمات سياسية جديدة على بنك الاحتياطي الفيدرالي، على الرغم من عدم وجود علامات
على ذلك حتى الآن، بحسب ما رأته الصحيفة.
خسائر تاريخية للمركزي الامريكي
وذهبت “وول ستريت جورنال” لتفحص الأسباب وراء هذه الخسارة التاريخية، حيث ذكرت أن البنك المركزي الأمريكي دفع للمؤسسات المالية
على الودائع التي تدر فائدة والأوراق المالية أكثر مما كسبه من الأوراق المالية التي اشتراها عندما كانت أسعار الفائدة أقل
وذلك ناتج عن رفع سعر الفائدة القياسي قصير الأجل إلى أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن لما يزيد عن 5 بالمئة في العام الماضي.
إلا أن الصحيفة الأمريكية شددت أن مثل هذه الخسائر لا تؤثر على العمليات اليومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي ولن تطلب من البنك المركزي أن يطلب ضخا من وزارة الخزانة.
وأوضح التقرير أنه وعلى عكس الوكالات الفيدرالية الأخرى، فإنه لا يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي الذهاب إلى الكونجرس لتغطية خسائر التشغيل
مضيفة أن الاحتياطي الفيدرالي وتحسبا لهذه الظروف فقد أنشأ سند دين “آي أو يو” 2022 أطلق عليها اسم “الأصول المؤجلة”.
سندات دين
وأشار التقرير إلى أن فكرة “آي أو يو” تقوم ببساطة بإنشاء سندات دين في ميزانيتها العمومية تسمى الأصول المؤجلة، وعندما يحقق بنك الاحتياطي الفيدرالي فائضا مرة أخرى في السنوات المقبلة، فإنه سيسدد أولا سندات الدين قبل إرسال الفوائض إلى وزارة الخزانة الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن قول سيث كاربنتر، كبير الاقتصاديين العالميين في مورجان ستانلي، إن هذا الترتيب يشبه مؤسسة تواجه معدل ضريبة بنسبة 100 بالمئة وتعوض الخسائر الحالية بالدخل المستقبلي.
وذكرت الصحيفة أن الاحتياطي الفيدرالي كان ينجح دائما في تحقيق الربح، وهو مطالب بموجب القانون بإرسال أرباحه، مطروحا منها نفقات التشغيل، إلى وزارة الخزانة
مضيفة إلا أن هذه المكاسب تحولت إلى خسائر في عام 2022، مما يعني أن العجز الفيدرالي كان أكبر قليلا مما كان يمكن أن يكون عليه.
خسائر بنك الاحتياطي الفيدرالي
وأشارت الصحيفة إلى أن خسائر بنك الاحتياطي الفيدرالي تعد أحد الآثار الجانبية لجهوده لدعم الاقتصاد خلال جائحة كورونا /كوفيد-19/ من خلال شراء كميات كبيرة من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري
مشددة أن خسائر البنك المركزي الأمريكي ناتجة عن دفعه فوائد أكثر مما يكسبه من تلك الأوراق المالية.
ونسبت “وول ستريت جورنال” خسائر الفيدرالي في 2022 إلى ما وصفته بالسباكة المالية الغامضة (إصلاحات مالية)
موضحة أنه قبل الأزمة المالية عام 2008، أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي محفظته صغيرة نسبيا، عند أقل من تريليون دولار
مضيفة أن التزامه الرئيسي حينها كان كمية العملة المتداولة، وقام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتغيير الاحتياطيات صعودا
وهبوطا إذا أراد خفض أو رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
أسعار الفائدة
وأردفت الصحيفة أنه وبعد الأزمة، خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى الصفر، واشترى كميات كبيرة
من السندات لتوفير تحفيز اقتصادي إضافي، وأغرقت هذه المشتريات النظام المصرفي بالاحتياطيات
مضيفة أنه وللحفاظ على السيطرة على أسعار الفائدة من خلال ميزانية عمومية أكبر
قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بإصلاح الطريقة التي يدير بها أسعار الفائدة
وكان النظام الجديد، الذي كان مستخدما بالفعل من قبل العديد من البنوك المركزية الأخرى
يتحكم في أسعار الفائدة قصيرة الأجل من خلال دفع الفائدة على احتياطيات البنوك.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وعلى مدى العقد الماضي، كانت أسعار الفائدة قصيرة الأجل منخفضة نسبيا، مما يعني
أن بنك الاحتياطي الفيدرالي حصل فوائد على أوراقه المالية أكثر مما دفعه كفوائد على الاحتياطيات أو القروض الأخرى قصيرة الأجل
مضيفة أنه وبعد تغطية نفقاته، أعاد بنك الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي نحو 107 مليارات دولار إلى الحكومة.
بنك الاحتياطي الفيدرالي
ونقلت الصحيفة عن جيمس بولارد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس للصحفيين في 2022، أنهم أعادوا
ما يقرب من تريليون دولار إلى وزارة الخزانة على مدى السنوات العشر الماضية
وأنهم لم يحتفظوا بهذه الإيرادات في بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وشدد المصرفي الأمريكي حينها أنه وبعد ذلك ومع ارتفاع أسعار الفائدة، أن الوضع سيتغير .
وأكدت “وول ستريت جورنال” أنه من المرجح أن يستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في تكبد خسائر طالما أنه يبقي أسعار الفائدة
أعلى من حوالي 3.5 بالمئة ويقلص محفظة أصوله، وهي عملية بدأت في عام 2022.
وقد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة العام الماضي إلى نطاق يتراوح بين 5.25 بالمئة و5.5 بالمئة.