“وول ستريت “: التضخم التحدي الأكبر في الولايات المتحدة

في أول رد فعل على تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤقت لمعظم الرسوم الجمركية، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية نقلا عن خبراء اقتصاديين في إحدى أكبر المؤسسات المالية العالمية، بأن الركود في الولايات المتحدة لم يعد السيناريو الأساسي لهم بعد قرار ترامب تعليق الرسوم الجمركية.
وقد وافق ترامب على تعليق مؤقت للرسوم الجمركية لمدة 90 يوما في إطار خطته، بينما رفع نسبة الرسوم المفروضة على الصين إلى 125%، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ فورا. في الوقت نفسه، بدأت الولايات المتحدة بتطبيق الرسوم الجمركية السابقة على الصين، التي تبلغ نسبتها 104%، اعتبارا من يوم أمس الأربعاء.
ونقلت الصحيفة عن الخبراء في بنك “غولدمان ساكس”، الذي يعد من أبرز اللاعبين في أسواق المال العالمية، أن أحدث توقعاتهم تشير إلى أن الركود لم يعد السيناريو المرجح للاقتصاد الأمريكي. وتوقع الخبراء نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5%، مع احتمال بنسبة 45% للركود، مما يعكس تقديراتهم بحدوث نمو اقتصادي بسيط بدلا من ركود حاد. ومع ذلك، لم يستبعد الخبراء تماما احتمالية الركود، مشيرين إلى احتمال حدوثه بنسبة 45%.
وأشارت الصحيفة إلى أن نفس الباحثين قد أشاروا قبل إعلان ترامب عن تعليق الرسوم الجمركية إلى أن خسارة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% هذا العام كانت متوقعة، مع احتمال بنسبة 65% لدخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود خلال الأشهر الـ12 القادمة.
وفي سياق آخر، لفتت الصحيفة إلى أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يواجهون تحديات كبيرة في إدارة التضخم، حيث يتوقعون أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى زيادة أسعار السلع المستوردة على المدى القصير. كما أن حالة عدم اليقين التي تثيرها هذه الرسوم قد تؤثر على استثمارات الشركات وفرص التوظيف. بالإضافة إلى ذلك، قد يضطر المستهلكون والشركات، الذين يعانون من تأثيرات التضخم، إلى تقليص مشترياتهم، مما يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي بشكل عام.
كما أشارت الصحيفة إلى أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي كانوا قد أبدوا قلقهم من الضغوط التضخمية طويلة الأمد الناتجة عن الرسوم الجمركية، وذلك عندما قرروا إبقاء أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعهم الأخير. وأوضح محضر الاجتماع، الذي صدر مؤخرا، أن أغلبية المشاركين في الاجتماع أشاروا إلى أن التأثيرات التضخمية قد تكون أكثر استمرارية مما كانوا يتوقعون.
وأردفت أنه ومنذ ذلك الاجتماع، تم فرض زيادات مفاجئة في الرسوم الجمركية، مما تجاوز تقديرات العديد من اقتصاديي القطاع الخاص ومسؤولي الاحتياطي الفيدرالي.
ومع ذلك، أعلن ترامب عن تعليق مؤقت للعديد من زيادات الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما، بينما رفع الرسوم المفروضة على الصين إلى 125% على الفور.
وأوضح محضر الاجتماع أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي اعتقدوا أن قرارهم بشأن تحديد سعر الفائدة كان “مناسبا بشكل جيد” للتعامل مع المخاطر المحتملة. كما تم التنويه إلى أنه في حال تدهورت ظروف سوق العمل، قد يقوم البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة، بينما قد يظل سعر الفائدة ثابتا إذا استمر التضخم في الارتفاع.
وفي تصريحات لاحقة، أعرب بعض صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي عن قلقهم من إمكانية مواجهة “مقايضات صعبة” إذا استمر التضخم في الارتفاع في الوقت الذي تتدهور فيه توقعات النمو والتوظيف. كما أشاروا إلى أهمية متابعة توقعات المستهلكين والشركات بشأن التضخم في المستقبل، حيث قد تستدعي تلك التوقعات اتخاذ إجراءات، مثل خفض أسعار الفائدة إذا تزايدت خسائر الوظائف بشكل كبير.
وهو ما يشير إلى أنه في حالة كانت هناك زيادة كبيرة في خسائر الوظائف (أي زيادة البطالة)، وكان من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى ضرورة خفض أسعار الفائدة (وهي إحدى الأدوات المستخدمة لتحفيز الاقتصاد)، فإنهم سيحاولون التأكد من أن التضخم لن يستمر في الارتفاع بشكل كبير في المستقبل.
وذكرت أن المسؤولين يعتقدون أن تلك التوقعات (توقعات المستهلكين والشركات بشأن التضخم) يمكن أن تتحقق من تلقاء نفسها، لأنها قد تؤثر فعليا على الواقع الاقتصادي (إذا توقع الناس ارتفاع الأسعار، قد يتصرفون بطريقة تساهم في رفعها فعلا).
في هذا السياق، أضافت الصحيفة أن المسؤولين في البنك المركزي يرون أن قدرتهم على الاستجابة لضعف الاقتصاد تعتمد على ما إذا كانوا يعتقدون أن التضخم سيعود إلى هدفهم البالغ 2% بعد أي زيادات في الأسعار ناجمة عن الرسوم الجمركية. وهذا يعني أنه إذا تباطأ الاقتصاد وكان من الضروري تحفيزه، فإنهم سيتخذون خطوات فقط إذا كانوا واثقين من أن التضخم سيعود إلى مستوياته المستهدفة بعد التأثيرات المؤقتة.