ما الذي يقف أمام خفض الفائدة الأمريكية؟

ما الذي يقف أمام خفض الفائدة الأمريكية؟
أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن التغيرات في السياسة الاقتصادية والتجارية في الولايات المتحدة، وخاصة تلك المتعلقة بزيادة الرسوم الجمركية أو تعديلها تشكل معضلة بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)
وقالت في الوقت الذي وافق فيه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة ثابتة أمس، فقد حذروا من أن الاقتصاد يواجه مخاطر متزايدة من ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع التضخم بسبب زيادات الرسوم الجمركية.
قال جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي: “إذا استمرت الزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية التي تم الإعلان عنها، فمن المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع في التضخم، وتباطؤ في النمو الاقتصادي، وزيادة في البطالة”.
الرسوم الجمركية صدمة
أكدت أن الرسوم الجمركية تمثل صدمة قد تضعف قدرة الاقتصاد على توفير السلع أو الخدمات، وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
والطرح غير المتوقع لزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة يهدد باستنزاف الأرباح وتجميد الاستثمارات الجديدة، إلى أن تتضح لدى الشركات التكاليف المتعلقة بها.
قال لويليام إنجليش، المستشار السابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي: “أنهم في وضع حرج. ..لو كنت هناك، لنصحتهم بالبقاء على ما هم عليه حاليا”.
وأوردت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجع عن تهديده الضمني بإقالة باول الشهر الماضي، لكنه واصل الضغط على رئيس البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة، حيث قال في مقابلة تلفزيونية بثت مؤخرا: “لدينا بنك احتياطي فيدرالي عنيد. يجب عليه خفض أسعار الفائدة. وفي مرحلة ما، سيفعل”.
خفض الفائدة
وانخفضت التوقعات بخفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في منتصف يونيو، عندما قال باول إن المسؤولين يشعرون بأن تكاليف الانتظار لمعرفة المزيد عن الاقتصاد “منخفضة إلى حد ما”.
وذلك في إشارة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يفضل الانتظار بدلا من التحرك الآن، لأن الانتظار لا يبدو مخاطره كبيرة حاليا.
وقال: “لا نشعر بأننا بحاجة إلى التسرع. نرى أن التحلي بالصبر هو التصرف المناسب حاليا. وعندما تتطور يمكننا التحرك بسرعة عندما يكون ذلك مناسبا”.
قال آدم بوسن، رئيس معهد “بيترسون للاقتصاد الدولي للصحيفة “أن الإسراع في خفض أسعار الفائدة الآن يزيد من خطر اضطرار الاحتياطي الفيدرالي إلى عكس مساره بعد أشهر من خلال رفع أسعار الفائدة.
وكان العديد من حلفاء ترامب قد صرحوا العام الماضي بأن الاحتياطي الفيدرالي يفاقم مخاطر استمرار التضخم بتسريعه في خفض أسعار الفائدة.
انكماش الاقتصاد
كما ذكرت “وول ستريت جورنال” أن هناك مخاوف أخرى من أن إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير، في الوقت الذي يتباطأ فيه الاقتصاد، قد يؤدي إلى الإبقاء على الفائدة مرتفعة بشكل غير ضروري، مما يعرض الاقتصاد لانكماش أكثر حدة.
وقال جورج غونسالفيس، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي الأمريكي في بنك “ام يواف جي”، أكبر بنك في اليابان، إنه حتى لو لم يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فإن الإبقاء عليها مرتفعة مع مرور الوقت قد يكون له نفس تأثير رفعها، أي تقليل الاقتراض وتباطؤ النمو وزيادة الضغط على الاقتصاد.
وأضاف أن الانتظار حتى يوليو أو سبتمبر لخفض أسعار الفائدة يزيد من احتمال اضطرار الاحتياطي الفيدرالي إلى إجراء تخفيضات أكبر، بمقدار نصف نقطة مئوية.
وقال: “ذلك انتظار طويل جدا. قد تفقد بذلك الفرصة الحقيقية لاحتواء الوضع الاقتصادي”.
ويرى بعض الاقتصاديين، وفقا للصحيفة، أن الوضع اليوم يختلف اختلافا جوهريا عن صدمة التضخم التي أربكت الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى عام 2021.
ففي ذلك الوقت، كان الاحتياطي الفيدرالي يضيف حوافز إلى اقتصاد يعاني من اختلالات واسعة النطاق في أسواق السلع والإسكان والعمل.
العمل والتضخم
وذكرت الصحيفة نقلا عن الاقتصاديين اليوم تشهد أسواق العمل تباطؤا، وقد يقلل تباطؤ نمو الأجور من قدرة الاقتصاد على تأجيج التضخم بعد ارتفاع الأسعار الأولي الناجم عن الرسوم الجمركية.
وقد استقرت توقعات التضخم السوقية على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، والمستمدة من سندات الخزانة المحمية من التضخم، عند أدنى مستوياتها مقارنة بالعام الماضي.
وذلك في إشارة إلى أن توقعات التضخم المستخلصة من سندات الخزانة المحمية من التضخم (أدوات دين تصدرها الحكومة الأمريكية تهدف إلى حماية المستثمرين من التضخم) تشير إلى أن المستثمرين يتوقعون معدلات تضخم منخفضة في المستقبل القريب، كما يتضح من تداولات السوق خلال العام الماضي.