ما الذي يضغط على أسعار النفط؟ وما المُتوقع في المستقبل؟
الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وقيود الإغلاق التي تم تجديدها في أوروبا، وأخبار أخرى على وشك أن تحدث، كلها أمور تعني أن الأسبوع المقبل قد يكون حاسماً لتحديد اتجاه الاقتصاد العالمي، والطلب على النفط.
لقد دفعت مشكلتان رئيسيتان أسعار النفط إلى انخفاض كبير هذا الأسبوع. وفي هذا المقال، سنغطي هذين العاملين، بالإضافة إلى ما يمكن توقعه في المستقبل.
اثنان من العوامل التي تضغط على أسعار خام غرب تكساس الوسيط WTI
التقلب المرتبط بالانتخابات
القضية الرئيسية الأولى التي تلقي بظلالها على أسعار النفط: احتمالية عدم انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المقررة بعد أيام قليلة فقط، بفوز حاسم لأحد المرشحين (نتيجة متنازع عليها).
يقوم المستثمرون بسحب الأموال من أسواق الأسهم والسلع استعداداً لما يمكن أن يكون انتخابات يطول النزاع للفوز بها.
كانت آخر انتخابات رئاسية عانت من مثل هذا الحال هي انتخابات بوش/غور في عام 2000، عندما استغرق الأمر أسابيع من إعادة الفرز، وقضايا في المحاكم، حتى تم تحديد الفائز النهائي. ونظراً للانقسام السياسي الحاد حالياً في الولايات المتحدة، فمن المحتمل أن تكون هذه الانتخابات محل نزاع لعدة أيام بعد انتهاء التصويت. وكما ناقشت في مقالتي التي تم نشرها الأسبوع الماضي، فإن الأسواق لا تحب هذا النوع من عدم اليقين.
إجراءات الإغلاق الأوروبية
أدت القيود التي تم الإعلان عنها خلال الـ 24 ساعة الماضية في أكبر اقتصاديين في منطقة اليورو، و2 من أكبر 3 اقتصادات في القارة الأوروبية، فرنسا وألمانيا، إلى تراجع كبير في أسعار النفط هذا الأسبوع. وبسبب الارتفاع الحاد في أعداد الإصابات بالفايروس في كلا البلدين، أقر الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل إجراءات إغلاق جديدة، وهو ما سيؤدي حتماً إلى انخفاض الطلب على النفط في بلديهما.
وقد تحذو الدول الأوروبية الأخرى حذوهما وتعلن عن إجراءات تقلل أكثر وأكثر من استهلاك النفط.
ولكن درجة الضرر الذي لحق بالطلب على النفط بسبب هذه الإجراءات لن تكون محددة تماماً حتى نرى رد فعل الناس. إلا أن بيانات بلومبيرج، والتي توضح بالتفصيل درجة استخدام الطرق السريعة في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، والاستخدام العام للطرق في المملكة المتحدة، أظهرت انخفاضاً في الاستخدام بين 11 أكتوبر و 25 أكتوبر. لقد فرضت الحكومات إجراءات إغلاق، وعلى الرغم من أن ذلك لم يشمل المدارس الابتدائية والثانوية، إلا أنه سوف يضر بأرقام استهلاك البنزين أكثر وأكثر.
ما المُتوقع بعد ذلك؟
آثار إعصاري دلتا وزيتا
لا يزال تأثير الإعصار دلتا، الذي ضرب الولايات المتحدة في وقت سابق من شهر أكتوبر الحالي، يظهر في تقرير المخزون الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة EIA. فلقد أظهرت الأرقام الصادرة أمس (الأربعاء 28 أكتوبر) أن مخزونات النفط قد ارتفعت بـ 4.3 مليون برميل الأسبوع الماضي. ويُعزى هذا إلى تراكم الكميات التي كان من المقرر تكريرها، بسبب إغلاق مصافي النفط في منطقة خليج المكسيك، التي ضربها إعصار دلتا.
ولم يمر وقت طويل حتى كان إعصار زيتا يعبر خليج المكسيك. وفي وقت كتابة هذا المقال، كان الاعصار قد وصل الأراضي الأمريكي بالقرب من نيو أورليانز بولاية لويزيانا، واجتاح تينيسي.
وعلى عكس العاصفتين السابقتين اللتين ضربتا لويزيانا هذا العام، ليس من المتوقع أن يقترب إعصار زيتا من البنية التحتية لتكرير النفط والبتروكيماويات، أي المنشآت التي تقع على حدود ولاية لويزيانا مع ولاية تكساس.
ومع ذلك، ووفقًا لمكتب الإنفاذ البيئي BSEE، فلقد تم تعطيل حوالي 67٪ من إنتاج النفط في منطقة خليج المكسيك بسبب هذا الإعصار. وهذا يعادل نحو 1.2 مليون برميل يومياً. يجب على المتداولين توقع رؤية تأثير هذا التعطيل في تقرير مخزون الأسبوع المقبل.
عقوبات جديدة على إيران
أعلنت وزارة الخزينة الأمريكية يوم الاثنين، عن فرض عقوبات جديدة على وزارة النفط الإيرانية، وشركة النفط الوطنية الإيرانية، وشركة ناقلات النفط التابعة لها، وكذلك على وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه شخصياً.
ومن غير المرجح أن تغير هذه العقوبات الجديدة أنماط إنتاج النفط الإيراني أو تصديره. ووفقاً لموقع (تانكر تراكرز دوت كوم)، تواصل إيران تصدير النفط بشكل خفي (إلى حد ما)، في انتهاك للعقوبات الأمريكية. فلقد صدرت إيران نحو 1.3 مليون برميل يومياً خلال سبتمبر، وبحسب البيانات الحالية، فإنها بصدد تصدير كمية مماثلة في أكتوبر.
إذا فاز بايدن في الانتخابات، فيمكنه تغيير سياسة العقوبات الأمريكية، ولكن ليس قبل تنصيبه في 20 يناير 2021. وفي الوقت الحالي، فإننا لا نعرف مقدار النفط الذي ستزود به إيران السوق، طبعاً إذا فاز بايدن، وإذا غير السياسة الأمريكية تجاهها. يتوقع المحللون أن يكون ذلك بين 1.8 مليون و 2.5 مليون برميل يومياً في 2021، إذا رُفعت العقوبات.
ولكن لا يجب على المتداولين أن يعطوا الكثير من الأهمية لهذه الأرقام، لأن لا أحد يعلم. في حال فاز بايدن ولم يقم بتخفيف العقوبات، يبقى من الممكن أن تستغل إيران إدارة أمريكية لا تمانع، وتقوم برفع صادراتها السرية (نوعاً ما)، وسط توقعات بأن لا يكون لإدارة بايدن أي رد فعل على ذلك.
من الممكن أيضاً أن تستمر إدارة بايدن في فرض العقوبات، حتى يتم التوصل إلى اتفاق جديد، أو إعادة اتفاق على خطة العمل الشاملة المشتركة التي أقرتها إدارة أوباما. لم تقدم حملة بايدن الانتخابية الكثير من المعلومات للمتداولين فيما يتعلق بخططه تجاه إيران.
خطط مجموعة أوبك+
تتزايد المؤشرات على أن مجموعة أوبك+ ستقرر عدم تطبيق زيادة الإنتاج المتفق عليها، في الموعد المقرر، وهو أول أيام العام الجديد. وكان رئيس وحدة التداول في أرامكو السعودية، قد قال أمس الأربعاء، إنه نظراً لأن المصافي غير الآسيوية قد قامت بتخفيض كميات النفط الخام التي تكررها، فإنه يعتقد أنه سيكون من الصعب جداً على السوق امتصاص زيادة الإنتاج هذه.
وكانت العديد من المصافي خارج قارة آسيا قد قامت بتخفيض طاقتها، بل أن بعضها قد أغلق تماماً بسبب هوامش الأرباح الضعيفة. ومع ذلك، قد تجد مجموعة أوبك+ نفسها تواجه مليون برميل إضافية في السوق، حتى لو قررت عدم تطبيق الزيادة المتفق عليها. فمن المتوقع بشكل كبير، أن تصل صادرات النفط الليبية إلى مليون برميل يومياً خلال نوفمبر، بعد أن أنهى اتفاق سلام دائم الصراع الأهلي في الدولة العضو في مجموعة أوبك.
مقال : د. إلين آر والد