لماذا فرض رسوم جمركية على الدول العربية؟

قبل إعلان ترامب، رجّحت مجلة “واشنطن إكزامينر” وجود احتمال بأن يوسّع الرئيس دونالد ترامب نطاق استراتيجيته التفاوضية بشأن الرسوم الجمركية لتشمل الدول العربية، إذا استمرت في رفض مطالبه بإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين قبل بدء “جهود تطهير غزة”.
ونقلت المجلة عن مستشار ترامب للأمن القومي، مايك والتز، في فبراير/شباط، خطة الرسوم الجمركية المحتملة، بعد ساعات فقط من إعلان الرئيس الأمريكي إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن “الولايات المتحدة ستسيطر قريباً على قطاع غزة”.
وقال والتز للمجلة الأمريكية: “أعتقد أن الرئيس ترامب يَعُد الرسوم الجمركية أداةً أساسيةً لسياستنا الخارجية”.
خلق حرب تجارية
ويميل إلى هذا التفسير، محمد أويس، الخبير الاقتصادي، الذي يرى أن التعريفات الجمركية الغرض منها هو “خلق حرب تجارية للضغط على دول بعينها لتحقيق أجندة أو أطماع سياسية بدأت من الإدارة الأمريكية الجديدة”.
ومع ذلك، قال أويس لبي بي سي إنه يرى أن التأثير على الدول العربية سيكون بشكل “غير مباشر” في إطار الصدى العالمي للقرارات الأمريكية؛ حيث إن الدول العربية “غير معنية”، كما أن الصادرات العربية للولايات المتحدة، باستثناء النفط، ليست بالحجم الكبير مقارنة بالواردات الأمريكية.
وقد بلغ فائض تجارة السلع الأمريكية مع مصر 3.5 مليار دولار في عام 2024 ، في حين بلغ هذا الفائض مع السعودية 443.3 مليون دولار، بحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة التابع للحكومة الفيدرالية، وبلغ الفائض الأمريكي مع الإمارات 19.5 مليار دولار في العام نفسه.
وهناك عجز تجاري أمريكي مع بعض الدول العربية كالعراق التي بلغت صادراتها 7.4 مليار دولار في عام 2024، مقابل استيرادها من الولايات المتحدة بما قيمته 1.7 مليار دولار، والأردن التي صدرت 3.4 مليار دولار، مقابل استيرادها ما قيمته ملياري دولار.
ومع ذلك، فإن العجز التجاري بين الصادرات والواردات الأمريكية مع هاتين الدولتين لا يُقارَن بأي حال من الأحوال بالفارق الكبير بين الولايات المتحدة وكندا على سبيل المثال، الذي يقدر بنحو 63 مليار دولار.
موجات تضخمية
ويصر محمد أويس على أن التأثير المباشر سيكون “محدوداً” على الدول العربية، مقارنة بالتأثير “غير المباشر” نتيجة “موجات تضخمية عنيفة” لدى الدول المعنية بالقرارات في ضوء الحرب التجارية، ما سيؤدي بالتالي إلى ارتفاع أسعار العديد من المنتجات التي تستوردها الدول العربية.
فعلى سبيل المثال، لو احتاجت واشنطن إلى المادة الخام من بكين أو العكس لصناعة ما، وفي ظل الضرائب المتبادلة بين الدولتين، سيكون المنتج النهائي بسعر أعلى قبل تصديره للدول العربية بسعر باهظ.
وأكد أويس على أن القرارات الأمريكية الجديدة التي تشمل الدول العربية، لم ترتكز في أصلها على فارق الفائض بين الصادرات والواردات كالدول الأوروبية، بل على مبدأ “المعاملة بالمثل”.
وضرب أويس مثالاً بمصر التي كانت تتمتع بإعفاءات جمركية طبقاً لاتفاقية “الكويز”، لا سيما فيما يتعلق بالملابس التي تصدرها مصر إلى الولايات المتحدة بما يقدر بـ 1.1 مليار دولار، ومع ذلك، كانت تفرض ضرائب بنسبة 10 في المئة على البضائع الأمريكية المستوردة، ما دفع واشنطن إلى مبدأ “المعاملة بالمثل”.
أما بالنسبة للإمارات، فيشرح الخبير الاقتصادي أنها تضع ضريبة جمركية على البضائع العامة بنسبة 5 في المئة، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة بالنسبة ذاتها، إلى جانب ضريبة بنسبة 50 في المئة على الكحوليات و100 في المئة على التبغ.
بحسب أويس، فإن الإمارات والسعودية والكويت ستكون الأشد تضرراً من القرارات الأمريكية، بحكم حجم تعاملاتها التجارية مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن الأمر يعتمد على ما إن كان القرار يشمل المنتجات النفطية أم لا، لا سيما وأن معظم تلك الدول تعتمد في صادراتها على البترول.
كما أن حجم الصادرات الأمريكية للدول العربية “صغير جداً إلى الدرجة التي لن تؤدي إلى “موجات تضخم عنيفة” داخل تلك الدول، وذلك بالمقارنة بالدول الأخرى، كالصين والاتحاد الأوروبي، التي تتمتع بتعاملات ضخمة مع الولايات المتحدة تشمل التكنولوجيا والسيارات.