رغم المخاوف .. أسعار النفط تتعافى من أدنى مستوياتها في 4 أشهر
أكد تقرير كامكو إنفست حول أداء أسواق النفط العالمية صدر حديثا أن أسعار النفط الخام انخفضت إلى ما دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل للمرة الأولى منذ فبراير 2024 في الأسبوع الأول من يونيو 2024، إلا انها تعافت بوتيرة سريعة بعد تأكيد الأوبك توقعاتها لنمو الطلب ونظر المتداولون إلى اتجاه الأسعار الحالي على أنه ردة فعل مبالغ فيها ووصول السوق إلى مستوى الافراط في عمليات البيع.
كما دعمت العقوبات المفروضة على قطاع الشحن الإيراني ارتفاع الأسعار. وجاء التراجع المبدئي على أساس شهري على خلفية تراجع علاوة مخاطر الحرب بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة باحتمال تراجع الطلب على المدى القريب كما كان متوقعاً، خاصة في الصين. وانعكس ذلك أيضاً على الأداء الفعلي للسوق مع انخفاض الأسعار المعروضة من قبل المنتجين الذين يتوقعون تراجع حجم الطلب الصيفي إلى مستويات أقل من المتوقع.
وجاء انخفاض الأسعار الأسبوع الماضي أيضاً في اعقاب اجتماع الأوبك وحلفائها الذي اقترح إلغاء محدود وتحت السيطرة للتخفيضات الطوعية الإضافية، اعتماداً على اتجاهات الطلب بدءاً من الربع الرابع من العام 2024. من جهة أخرى، شهدت الأسعار دعماً محدوداً نتيجة للإغلاق غير المخطط له لحقل نفط بوزارد في بحر الشمال وحريق مصفاة الوقود في روسيا. وكشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية اتجاهات إيجابية لموسم الطلب في فصل الصيف والذي يوضح زيادة الطلب على البنزين وارتفاع تشغيل المصافي، إلا ان ارتفاع مخزونات النفط الخام أثرت على الأسعار.
الصعيد الاقتصادي
وعلى الصعيد الاقتصادي، أعلن بنك كندا والبنك المركزي الأوروبي عن تطبيق أول خفض لأسعار الفائدة بعد سنوات من ارتفاع أسعار الفائدة. وتعكس هذه التخفيضات تراجع مستويات التضخم في هذه الاقتصادات.
كما يتوقع أيضاً أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة خلال العام الحالي اعتماداً على اتجاه التضخم خلال الأشهر المقبلة. وجاءت معدلات التضخم في الولايات المتحدة لشهر أبريل 2024 متسقة مع التوقعات، إلا أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي أشار إلى أنه يحتاج إلى مزيد من الأدلة قبل الاقدام على خطوة خفض أسعار الفائدة.
كما كشفت البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة عن انخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وكانت بيانات مؤشر مديري المشتريات الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) مختلطة، في حين اتسقت نفقات الاستهلاك الشخصي مع التوقعات، وتشير جميعها إلى توقع خفض سعر الفائدة، إلا انها تشير في نفس الوقت إلى خفض توقعات نمو الطلب على النفط خلال الأشهر المقبلة على خلفية انخفاض النمو الاقتصادي.
صعيد العرض
وعلى صعيد العرض، انتعشت تدفقات النفط الخام خلال شهر مايو 2024 بدعم من زيادة شحنات النفط الخام العالمية المنقولة بحراً من الخليج الأمريكي وغرب إفريقيا. وعلى مستوى المنطقة، انخفضت صادرات كلا من السعودية وعمان، في حين ارتفعت شحنات الكويت وقطر والعراق والإمارات في مايو 2024.
كما كشفت البيانات الواردة من روسيا عن زيادة العائدات النفطية بنسبة 50 في المائة على أساس سنوي في مايو 2024، على الرغم من أن البيانات الأسبوعية الأخيرة المتعلقة بصادرات النفط الخام كشفت عن تراجع في ظل وصول الشحنات إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ فبراير 2024، نظراً لتعويض روسيا لفائض الإنتاج مقابل مستوى الإنتاج المستهدف في أبريل.
أما في الولايات المتحدة، فقد ظل إنتاج النفط مرتفعاً ووصل إلى 13.1 مليون برميل يومياً خلال الأسابيع الأحد عشر الماضية المنتهية في مايو 2024. وجاء ذلك على الرغم من انخفاض عدد منصات الحفر النفطي للأسبوع الثاني على التوالي خلال الأسبوع الماضي ليصل عددها إلى 492 منصة نفطية. ونما إنتاج الأوبك من النفط هامشياً خلال الشهر نتيجة للانخفاض الهامشي لإنتاج السعودية الذي وصل الى 9.0 مليون برميل يومياً، وهو الأمر الذي قابله ارتفاع إنتاج نيجيريا.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
ظلت أسعار النفط متقلبة خلال الأسابيع القليلة الماضية وتم تداولها في نطاق واسع على خلفية نشر بعض الأخبار الهامة على الجبهة الاقتصادية وكذلك فيما يتعلق بإنتاج النفط الخام.
وانخفضت أسعار عقود النفط الآجلة إلى ما دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل في بداية شهر يونيو 2024 على خلفية الأخبار السلبية على جبهة الطلب، في الوقت الذي ظلت فيه الإمدادات من خارج الأوبك وحلفائها مرتفعة.
وانخفضت الأسعار على مدار ثلاثة أسابيع متتالية حتى الأسبوع الماضي واستمرت على ذلك على مدار سبعة من أصل التسعة أسابيع الماضية، وظلت تداولاتها أعلى من 91 دولار أمريكي للبرميل لتنهي تداولات الأسبوع الماضي مغلقة عند 79.6 دولار أمريكي للبرميل. كما اخذ المتداولون بعض المؤشرات من خفض أرامكو جميع أسعار النفط الخام المتجهة إلى آسيا لشهر يوليو 2024.
وعلى الرغم من ذلك، شهد هذا الأسبوع أخباراً إيجابية على جبهة الطلب، هذا إلى جانب بعض الأسباب الفنية، حيث بدأ المتداولون تقييم السوق على أنه وصل إلى مستوى الافراط في عمليات البيع،
كما كانت هناك ردود فعل مبالغ فيها تجاه قرار الأوبك وحلفائها الغاء تخفيضات الإنتاج الطوعية تدريجياً. وعادت الأسعار إلى مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل وتداولت بالقرب من 82 دولار أمريكي للبرميل بعد أن شهدت أكبر مكاسب يومية منذ فبراير 2024 ببداية هذا الأسبوع.
كما تلقت الاسعار بعض الدعم بعد صدور تقرير الوظائف في الولايات المتحدة الذي كان أقوى من المتوقع، هذا إلى جانب تحسن نشاط قطاع التصنيع والخدمات بوتيرة أفضل من المتوقع، هذا بالإضافة إلى ارتفاع توقعات الطلب على السفر خلال موسم الصيف. بالإضافة إلى ذلك،
ساهم خفض أسعار الفائدة التي أعلنت عنها عدد من البنوك المركزية الرئيسية، بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي، في تعزيز توقعات انتعاش الطلب على المدى القريب، وذلك على الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي حذر من أن خفض سعر الفائدة لا يعني مواصلة خفضها بنفس الوتيرة.
الاتجاه الشهري للأسعار
أما على صعيد الاتجاه الشهري للأسعار، تراجعت أسعار كافة درجات النفط الخام في مايو 2024. إذ انخفض متوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت بنسبة 9.0 في المائة ليصل إلى 81.8 دولار أمريكي للبرميل في مايو 2024 مقابل 89.8 دولار أمريكي للبرميل في أبريل 2024.
إلا أن تراجع متوسط سعر سلة الأوبك المرجعية كان أكثر اعتدالاً إلى حد ما، إذ تراجع بنسبة 6.2 في المائة ليصل إلى 83.6 دولار أمريكي للبرميل، في حين شهد سعر خام التصدير الكويتي انخفاضاً بنسبة 5.1 في المائة ليصل إلى 85.2 دولار أمريكي للبرميل في المتوسط خلال شهر مايو 2024.
في ذات الوقت، أظهرت تقديرات الإجماع لسعر مزيج خام برنت تغييرات طفيفة مقارنة بالشهر الماضي، في حين توقعت استقرار الأسعار على مدار الأربعة أرباع المقبلة.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط السعر 85.1 دولار أمريكي للبرميل في الربع الثاني من العام 2024 وأن تظل الأسعار مرتفعة فوق مستوى 83 دولار أمريكي للبرميل حتى نهاية العام الحالي.
الطلب العالمي على النفط
تم الإبقاء على توقعات نمو الطلب العالمي على النفط للعام 2024 دون تغيير على نطاق واسع وفقاً للتقرير الشهري للأوبك. وتتوقع الوكالة أن ينمو الطلب على النفط بمقدار 2.25 مليون برميل يومياً خلال العام الحالي ليصل إلى 104.5 مليون برميل يومياً في العام 2024.
من جهة أخرى، كانت هناك تعديلات هامشية على بيانات الطلب على النفط خلال النصف الأول من العام 2024. حيث خفضت الوكالة توقعات الطلب للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ ودول أمريكا اللاتينية على خلفية انخفاض الطلب على النفط بوتيرة أعلى من المتوقع خلال الربع الأول من العام 2024.
كما قامت الوكالة بخفض بيانات الطلب لأفريقيا خلال الربع الثاني من العام 2024 لمراعاة الانخفاض المتوقع في طلب المنطقة على النفط. وقابل هذه التعديلات الهبوطية سالفة الذكر رفع توقعات الطلب الخاص بعدد من الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نتيجة لزيادة الطلب على النفط بوتيرة أفضل من المتوقع خلال الربعين الأولين من العام.
وأبقت الأوبك على توقعات نمو الطلب العالمي على النفط للعام 2025 دون تغيير. وتتوقع الوكالة أن ينمو الطلب على النفط بمقدار 1.8 مليون برميل يومياً العام المقبل ليصل إلى 106.31 مليون برميل يومياً خلال العام.
العرض من خارج الأوبك
ما تزال توقعات نمو إمدادات النفط للدول الغير أعضاء في اتفاق اعلان التعاون لهذا العام دون تغيير مقارنة بتوقعات الأوبك للشهر الماضي. ومن المتوقع أن ينمو العرض من هذه الدول بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً في العام 2024 ليصل في المتوسط إلى 53.0 مليون برميل يومياً خلال العام.
كما تم الإبقاء على توقعات العام 2025 دون تغيير على نطاق واسع عن مستوى الشهر الماضي. وتوقعت الأوبك أن تنمو إمدادات النفط من الدول غير الأعضاء في اتفاق اعلان التعاون بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً العام المقبل لتصل في المتوسط إلى 54.1 مليون برميل يومياً خلال العام.
إنتاج الأوبك من النفط الخام
واصل انتاج الأوبك من النفط الخام ارتفاعه في مايو 2024، مسجلاً أربعة أشهر متتالية من النمو، وفقا للتقديرات المنقحة الصادرة عن وكالة بلومبرج. وكشفت البيانات الجديدة عن زيادة إنتاج النفط بمقدار 60 ألف برميل يومياً خلال الشهر ليصل في المتوسط إلى 26.96 مليون برميل يومياً. وتعكس هذه الزيادة ارتفاع الإنتاج على أساس شهري في نيجيريا والكويت بصفة رئيسية، والذي قابله انخفاض هامشي في إنتاج معظم الدول.
كما كشفت بيانات مصادر الأوبك الثانوية عن نمو الإنتاج خلال الشهر، وإن كان بمعدل أقل نسبياً مقارنة بتقديرات وكالة بلومبرج. ولوحظ نمو إنتاج نيجيريا والجابون وغينيا الاستوائية بصفة رئيسية، مما ساهم في تعويض الانخفاض الهامشي لإنتاج المجموعة. من جهة أخرى،
كشفت بيانات الأوبك عن انخفاض إنتاج الدول غير الأعضاء في اتفاق اعلان التعاون بصفة عامة بمقدار 123 ألف برميل يومياً، مما يعكس بصفة رئيسية انخفاض الإنتاج بمقدار 152 ألف برميل يومياً في الدول الأعضاء في اتفاق اعلان التعاون، ويأتي بشكل رئيسي من روسيا وكازاخستان.
وفي خطوة متوقعة، مددت الأوبك وحلفائها تخفيضات الإنتاج الأصلية التي حددت سقف الإنتاج بمقدار 39 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام المقبل مقابل توقعات المحللين بتمديدها حتى نهاية العام الحالي.
كما مدد الاتفاق التخفيضات الطوعية الإضافية التي تبلغ نحو 2 مليون برميل يومياً والتي كان من المقرر أن تنتهي في يونيو 2024 حتى العام المقبل. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه التخفيضات التي تنفذها مجموعة أصغر من منتجي الأوبك وحلفائها، مع تعهد السعودية وروسيا بتنفيذ الحصة الأكبر من هذه التخفيضات، ستستمر بمعدلها الحالي حتى سبتمبر 2024 قبل أن يتم الغائها تدريجياً على مدار 12 شهراً التالية.
وبحلول يناير 2025، ستصل هذه التخفيضات الإضافية إلى نحو 0.75 مليون برميل يومياً، ومن المقرر أن يبلغ متوسط إجمالي إنتاج المجموعة 38.01 مليون برميل يومياً بحلول الربع الرابع من العام 2025، وفقا للخطة.
من جهة أخرى، استمر تراجع إنتاج النفط في نيجيريا خلال شهر مايو 2024. وفي تطور هام، صدرت البلاد أول شحنة من وقود الطائرات من مصفاة دانغوت، التي بدأ تشغيلها حديثاً، إلى روتردام في أوروبا.
ويسلط تصدير 45,000 طن متري من حمولة وقود الطائرات الضوء على امتثال المصفاة التي تنتج 0.65 مليون برميل يومياً لمعايير الوقود الأوروبية.
أما في الكويت، فقد ظل إنتاج النفط مستقراً إلى حد كبير عند 2.46 مليون برميل يومياً في مايو 2024. وعلى الرغم من ذلك، أعلنت البلاد عن ارتفاع شحنات النفط الخام الذي وصل إلى أعلى مستوياته المسجلة في أربعة أشهر خلال الشهر.
وكانت الشحنات قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات في مارس 2024، وفقاً لتقرير وكلة بلومبرج. كما بدأت الكويت التشغيل الكامل لمصفاة الزور، والتي تعد واحدة من أكبر مصافي النفط على مستوى العالم، بطاقة إنتاجية تصل إلى 615 ألف برميل يومياً.