توقعات بمواصلة الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة

توقع بنك قطر الوطني”QNB” أن يستمر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “البنك المركزي” في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من عام 2025، على الرغم من بقاء معدل التضخم أعلى من المستوى المستهدف ووجود احتمالات لضغوط تضخمية قصيرة الأجل ناتجة عن فرض التعريفات الجمركية.
وقال البنك في تقريره الأسبوعي الذي جاء تحت عنوان “ما هي الخيارات المتاحة أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ظل المخاوف من الركود؟:
إنه على مدى السنوات العديدة الماضية، ظل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتصدر معظم المناقشات بشأن الاقتصاد الكلي والاستثمار، نظرا لأهمية أسعار الفائدة والسياسات الكمية بالنسبة للنمو والسيولة والتضخم.
ولكن في الأشهر الأخيرة، أدت مجموعة من السياسات الجديدة التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تغيير أسس المناقشات ومجالات التركيز بشكل كامل.
النشاط الاقتصادي
وأوضح التقرير أن هذا التحرك كان ناتجا عن المخاوف من فرط النشاط الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في حال أقدم الرئيس ترامب على تنفيذ السياسات التوسعية المقترحة خلال حملته الانتخابية.
وأشار التقرير إلى أنه، ومع مباشرة الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها واتضاح أولوياتها المتمثلة في فرض تعريفات جمركية جديدة وتعزيز ما يعرف بـ”الكفاءة الحكومية”، تحول ميزان المخاطر الذي يهدد التوقعات الاقتصادية الكلية للولايات المتحدة سريعا من فرط النشاط الاقتصادي إلى احتمالات الركود.
ولفت إلى أن هذا التحول ساهم في تراجع معنويات المستثمرين والمستهلكين، خاصة مع دخول مؤشرات الأسهم الرئيسية مرحلة التصحيح بعد هبوطها بأكثر من 10 بالمئة لأول مرة منذ سنوات، بالتزامن مع ضعف واضح في مبيعات التجزئة، وتراجع المؤشرات المرتبطة بثقة المستهلك.
بنك الاحتياطي الفيدرالي
ووفقا لنموذج التنبؤ الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حاليا، فإنه من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 2.8 بالمئة في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بنمو بلغ 2.3 بالمئة في الربع السابق، ما يعكس تغيرا حادا في مسار الاقتصاد الأمريكي خلال فترة قصيرة.
وأكد التقرير أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزال بحاجة إلى العمل في ظل هذا المستوى المرتفع من عدم اليقين، حيث يمكن أن تلعب أدوات السياسة النقدية دورا محوريا في التخفيف من بعض الآثار الناجمة عن عدم اليقين أو الصدمات السلبية المحتملة القادمة من الجبهة السياسية.
واعتبر البنك أن العمل في مثل هذه البيئة ليس بمهمة يسيرة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، في ظل الغموض المحيط بالاتجاه المستقبلي للسياسة النقدية.
أسعار الفائدة
وأشار التقرير إلى أن أسعار الفائدة متوسطة الأجل تأرجحت بشكل كبير، مما يشير إلى تقلب إجماع توقعات السوق حول توقيت وحتى اتجاه أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية خلال الأرباع القليلة المقبلة.
كما ارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل سنتين في الربع الأخير من العام الماضي، بعد تراجعها في الربعين الثاني والثالث من عام 2024 على خلفية الانخفاض السريع في معدلات التضخم وتوقعات التخفيف القوي للسياسة النقدية، عندما كان ترامب متصدرا في الانتخابات الأمريكية بخطاب مؤيد للنمو.
في المقابل ومنذ فبراير 2025، أثرت التدابير التجارية الصارمة وسياسات وزارة الكفاءة الحكومية سلبا على معنويات المستثمرين والمستهلكين، ما أدى إلى تراجع جديد في عوائد السندات.
خفض الفائدة
ويتوقع المستثمرون حاليا أن يستأنف بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة خفض أسعار الفائدة التي بدأت في سبتمبر 2024، مع أربعة تخفيضات إضافية بواقع 25 نقطة أساس في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بحلول نهاية عام 2025 وتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة في عام 2026.
ولفت البنك في تقريره إلى أن التوقعات السائدة في السوق تبدو متوافقة مع البيئة الاقتصادية الكلية، مما يشير إلى وجود مساحة كافية أمام الاحتياطي الفيدرالي لإجراء المزيد من التيسير في السياسة النقدية، مبرزا عاملين رئيسيين يدعمان خفض أسعار الفائدة.
تصريحات الفيدرالي
ويتمثل العامل الأول في تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التي تعكس استعدادا لتخفيض إضافي في الفائدة في وقت لاحق من هذا العام حيث يتوافق “مخطط النقاط” لشهر مارس 2025، والذي يوضح النطاق المستهدف المتوقع لأسعار الفائدة من كل مشارك من المشاركين في اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التسعة عشر، بشكل تقريبي مع الوضع السائد في السوق.
ويدعم ذلك رأي معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بأن الاقتصاد يتباطأ تدريجيا، مع استمرار عودة التضخم إلى طبيعته، وأن أي تأثير محتمل على التضخم من الرسوم الجمركية من المرجح أن يكون مؤقتا وسيتم “تجاهله”.
ضعف الاقتصاد
من جهة أخرى يظهر العامل الثاني أن ضعف الاقتصاد وتراجع ثقة الأسواق، نتيجة الصدمات السياسية، يجعلان من خفض أسعار الفائدة خطوة ضرورية وليست مجرد احتمال.
فقد تراجع معدل استغلال الطاقة الإنتاجية، وبدأ سوق العمل في التراجع من حالة التوظيف الكامل، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.5 بالمئة في فبراير 2025، ما يعزز التوجه نحو تخفيض الفائدة إلى مستويات محايدة تقدر بنحو 4 بالمئة خلال الأرباع القادمة.
وخلص التقرير إلى أنه رغم بقاء التضخم فوق المستوى المستهدف واحتمالات الضغوط التضخمية المؤقتة بسبب التعريفات الجمركية، فإنه من المرجح أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة في وقت لاحق من عام 2025. ويأتي ذلك في ظل تباطؤ الاقتصاد، والحاجة إلى التحول من سياسة نقدية تقييدية “بسعر فائدة 4.5 بالمئة” إلى سياسة محايدة تقدر بـ 4 بالمئة، لتفادي ركود محتمل.