تعافي أسعار النفط على خلفية تراجع مخاطر اوميكرون

بعد تراجع أسعار النفط بنسبة 15 في المائة خلال نوفمبر 2021 على خلفية اكتشاف سلالة اوميكرون المتحورة وظهور مخاوف إضافية بشأن العرض، انتعشت الأسعار مجددًا وصعدت متخطية مستوى 70 دولار أمريكي للبرميل في الأسبوع الأول من ديسمبر 2021. وساهمت سلسلة من الأخبار الإيجابية في تعزيز أسعار النفط بما في ذلك انخفاض مخاطر اوميكرون، واحكام قبضة الأوبك وحلفائها على الامدادات، هذا إلى جانب الأخبار الاقتصادية الإيجابية من آسيا. بالإضافة الى ذلك، بعد الإفراج عن احتياطي البترول الاستراتيجي الشهر الماضي وهو الامر الذي أثر على الأسعار، كان للإعلان الأخير عن الإفراج عن المزيد من الاحتياطات الاستراتيجية تأثيراً ضئيلاً على أسعار النفط. من جهة أخرى، ادى تزايد مخاوف التضخم الى اجبار البنوك المركزية في العديد من الدول على رفع أسعار الفائدة في الفترة القادمة مما قد يغير مسار الطلب على النفط في المستقبل.
أكد تقرير كامكو إنفست حول أداء أسواق النفط العالمية أن العالم انتابه حالة من الذعر بعد ظهور اوميكرون واكتشافه في أكثر من 60 دولة، والذي كان يعتقد في البداية أنه أكثر خطورة من سلالة دلتا المتحورة، إلا ان تلك المخاوف انحسرت إلى حد كبير بعد أن أشارت عدة تقارير حديثة إلى أن تلك السلالة المتحورة لا تسبب مرضًا خطيرًا وأن جرعة معززة ثالثة من لقاح كوفيد-19 قد توفر المناعة المطلوبة ضد الفيروس. الا ان معدلات الإصابة على مستوى العالم بدأت في الارتفاع ووصلت لنحو 700 ألف حالة جديدة يوميا مما جعلها مصدر قلق في عدد من الدول. وصنفت منظمة الصحة العالمية خطر اوميكرون عالمياً بأنه “مرتفع للغاية” حيث أشارت بعض الدراسات إلى أنه قد يتمكن من الإفلات كلياً من الحماية التي توفرها اللقاحات. ولا تزال قيود السفر سارية على مستوى العالم، مما يؤثر على انتعاش الطلب على وقود الطائرات، حيث فرضت بعض الدول مثل المملكة المتحدة وهونج كونج والهند وغيرها قيوداً أكثر صرامة أو مددت تدابير حظر السفر المفروضة بالفعل.
وعلى صعيد العرض، واصلت الولايات المتحدة زيادة إنتاجها من النفط باستمرار على مدى الثلاثة أسابيع الماضية، مضيفة 300 ألف برميل يومياً ليصل متوسط إنتاجها إلى 11.7 مليون برميل يومياً كما في الأسبوع المنتهي في 3 ديسمبر 2021. وأشار تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الامريكية الشهر الماضي إلى أنه من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط في حوض بيرميان إلى مستوى قياسي هذا الشهر ليصل إلى 4.95 مليون برميل يومياً، أي متخطياً أعلى المستويات المسجلة قبل الجائحة. وتأتي تلك الزيادة أيضاً في الوقت الذي كشفت فيه بيانات اضافة منصات جديدة بوتيرة ثابتة على مدار الأسابيع القليلة الماضية. كما زادت الأوبك إنتاجها في نوفمبر 2021 بنحو 0.3 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط الى 27.7 مليون برميل يومياً، وفقا لمصادر الأوبك الثانوية. وخلال اجتماعهم الشهري، قرر منتجو الأوبك وحلفائها التمسك بخطة الانتاج الأصلية بزيادة قدرها 0.4 مليون برميل يوميا في يناير 2022.
وظلت عوامل جانب الطلب واعدة بعد تراجع مخاطر اوميكرون. بالإضافة إلى ذلك، ما تزال الصين من أبرز عوامل النمو الرئيسية للطلب المستقبلي على النفط بسبب القيود الصارمة المستمرة المتعلقة بـكوفيد-19. حيث لم تتمكن الحركة الجوية في البلاد من التعافي إلى مستويات ما قبل الجائحة بسبب تفشي المرض في بؤر صغيرة. الا إن تعليقاً صدر مؤخراً عن مسؤولها مفاده أن البلاد تسعى للعمل على تحقيق استقرار الأوضاع الاقتصادية مما ساهم في تعزيز معنويات التفاؤل بأن الصين قد تعلن عن حزمة تحفيز مالي في أوائل العام 2022.
الاتجاهات الشهرية
سجلت أسعار النفط الأسبوع الماضي مكاسب أسبوعية للمرة الأولى بعد انخفاضها على مدى ستة أسابيع متتالية مما أدى إلى انخفاض الأسعار دون مستوى 70 دولار امريكي للبرميل. ويعزى هذا التراجع الذي شهدته الأسعار الشهر الماضي للمخاوف المتعلقة بتداعيات اوميكرون على النمو الاقتصادي والطلب على النفط وكذلك زيادة المعروض من المنتجين خارج مجموعة الأوبك وحلفائها من أجل مواجهة خطط خفض الإنتاج وتراجع أسعار النفط. اذ تراجعت الأسعار بأكثر من 15 في نوفمبر-2021، الا اننا لاحظنا انتعاش سريع هذا الشهر بدعم من انحسار المخاوف المتعلقة بسلالة اوميكرون المتحورة وكذلك زيادة الامدادات بوتيرة أقل مما كان متوقعاً من منتجي الأوبك وحلفائها. بالإضافة الى ذلك، كان التأثير الكلي لإفراج الولايات المتحدة عن احتياطي النفط الاستراتيجي ضئيلاً. وكانت الولايات المتحدة قد اعلنت مؤخراً أنها ستفرج عن 18 مليون برميل إضافية من احتياطيات النفط الاستراتيجية الأسبوع المقبل. الا إن الخطة الأولية للولايات المتحدة للاستفادة من الاحتياطيات بالتضامن مع خمس دول أخرى (الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة) لم يتم تنفيذها بعد لأن تلك الدول لم تعلن بعد عن كمية الاحتياطيات التي ستفرج عنها بدقة وتوقيت ذلك بالتحديد. ووصل الامر الى اشارة بعض المحللين إلى أن الإحجام عن تنفيذ تلك الخطة ينبع أيضا من حقيقة أن هؤلاء المستهلكين لا يريدون تعريض علاقتهم بالبائعين للخطر، خاصة في وقت يرتفع فيه الطلب على النفط بشكل موسمي خلال فصل الشتاء. بالإضافة إلى ذلك، أدى انخفاض الأسعار على خلفية اوميكرون أيضا إلى تأخر استجابة الخمسة دول.
وفي ذات الوقت، صرحت إدارة معلومات الطاقة الامريكية في تقرير حديث إن سوق النفط قد يتوازن في أوائل العام المقبل مع زيادة الإمدادات بعد تفوق الطلب على العرض لمدة ست فترات ربع سنوية متتالية. ومن المتوقع أن تؤدي زيادة إنتاج الأوبك وحلفائها والمنتجين من خارج المجموعة إلى جانب ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمعدلات قليلة نسبياً إلى تخفيف الضغوط على أسعار النفط خلال الربع الأول من العام 2022، وفقا لمنظمة الأوبك. ويتضح ارتفاع الإنتاج بالفعل من بيانات عدد منصات الحفر النفطي في الولايات المتحدة والتي شهدت نموًا ثابتا على مدار الأسابيع العديدة الماضية لتصل إلى 471 منصة الأسبوع الماضي فيما يعتبر أعلى المستويات المسجلة منذ أبريل 2020.
وبلغ متوسط سعر خام الأوبك القياسي 80.4 دولار أمريكي للبرميل في نوفمبر 2021، متراجعا بنسبة 2.1 في المائة مقارنة بمستويات أكتوبر 2021. كما انخفض أيضا سعر مزيج خام برنت بنسبة أعلى قليلًا بلغت 2.6 في المائة ليصل في المتوسط إلى 81.37 دولار أمريكي للبرميل، بينما انخفض سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 1.9 في المائة إلى 81.13 دولار أمريكي للبرميل في المتوسط.
الطلب على النفط
ظلت تقديرات الطلب العالمي على النفط للعام 2021 دون تغيير يذكر بنمو قدره 5.7 مليون برميل يومياً لتصل في المتوسط الى 96.63 مليون برميل يومياً. إلا إنه تم إجراء تعديلات تصاعدية على بيانات الطلب للنصف الأول من العام 2021 على خلفية تزايد الطلب بمستويات أعلى من المتوقع من قطاع النقل في الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والذي قابله تعديل تنازلي لبيانات الطلب للنصف الثاني من العام 2021. ووفقاً للأوبك، تأثر الطلب في الربع الثالث من العام 2021 نتيجة لزيادة عدد حالات الاصابة بكوفيد-19، وانخفاض الإنتاج الصناعي في الصين وتراجع استهلاك وقود النقل في الهند. وبالنسبة للربع الرابع من العام 2021، انخفض الطلب هامشيا بسبب القيود المفروضة في أوروبا والتأثير المحتمل للمتغير الجديد. أما بالنسبة للعام 2022، أبقت الأوبك مرة أخرى على توقعاتها دون تغيير عند معدل نمو قدره 4.2 مليون برميل يوميا ليصل في المتوسط إلى 100.6 مليون برميل يوميا، لكنها قالت إن التعافي المتوقع في الربع الرابع من العام 2021 لن يتحول إلى الربع الأول من العام 2022 مع احتمال أن يكون التعافي أكثر استقراراً في النصف الثاني من العام 2022. وصرحت الأوبك بأن تأثير متحور فيروس كورونا اوميكرون من المتوقع أن يكون معتدلاً وقصير الأجل، بعد أن أصبح العالم مجهزاً بشكل أكبر لإدارة تداعيات الجائحة.
عرض النفط
ارتفع إنتاج العالم من السوائل النفطية مرة أخرى في نوفمبر 2021 وكشفت البيانات الأولية عن نمو شهري قدره 0.88 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط الى 98.28 مليون برميل يومياً. وساهم المنتجون من خارج الأوبك مجدداً بالجزء الأكبر من نمو الإنتاج الشهري مضيفين 0.6 مليون برميل يومياً ليصل متوسط الإنتاج الى 70.6 مليون برميل يومياً. وفي المقابل، رفع منتجو الأوبك إنتاجهم بمقدار 285 ألف برميل يومياً ليصل في المتوسط الى 27.72 مليون برميل يومياً، وفقا لمصادر الأوبك الثانوية.
كما لم تتغير تقديرات نمو إمدادات السوائل النفطية من خارج الأوبك للعام 2021 بنمو قدره 0.7 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط الى 63.7 مليون برميل يومياً، على الرغم من إجراء تعديلات على بيانات الإنتاج على مستوى كل دولة على حدة لهذا العام. وتم رفع تقديرات انتاج الولايات المتحدة وكندا بمقدار 86 ألف برميل يومياً و24 ألف برميل يومياً، على التوالي، والتي قابلها خفض تقديرات انتاج البرازيل (-73 ألف برميل يومياً) والنرويج (-25 ألف برميل يومياً) مما أدى بشكل رئيسي إلى انخفاض الإنتاج في الربع الرابع من العام 2021. وعكست التعديلات التصاعدية لبيانات الربع الرابع من العام 2021 للولايات المتحدة في المقام الأول نمواً أسرع من المتوقع لإنتاج خليج المكسيك مقرونا بنمو شهري ثابت في إنتاج النفط الصخري، خاصة في حوض بيرميان. وفي ذات الوقت، وصل إنتاج كندا من السوائل النفطية إلى مستوى قياسي بلغ 5.8 مليون برميل يومياً في أكتوبر 2021 بفضل زيادة إنتاج منتجي النفط الرملي في مقاطعة ألبرتا والتوسع في الطاقة الاستيعابية لخطوط الأنابيب.
وبالنسبة للعام 2022، لم تتغير توقعات العرض أيضا وظلت ثابتة عند مستوى نمو قدره 3.0 مليون برميل يومياً ليصل متوسط الإنتاج الى 66.7 مليون برميل يومياً. إلا إن رفع توقعات إمدادات الولايات المتحدة قابلها خفض التوقعات الخاصة ببيانات إمدادات المملكة المتحدة والبرازيل وكولومبيا وأمريكا اللاتينية.
انتاج الأوبك
ارتفع إنتاج الأوبك من النفط للشهر السابع على التوالي في نوفمبر 2021 بزيادة شهرية قدرها 350 ألف برميل يومياً ليصل في المتوسط الى 28.0 مليون برميل يومياً، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ أبريل 2020 وفقا لبيانات وكالة بلومبرج. وكشفت مصادر الأوبك الثانوية نمو الإنتاج بمعدل أقل قليلاً من 285 ألف برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 27.72 مليون برميل يومياً. وزاد معظم المنتجين من داخل المجموعة انتاجهم خلال الشهر وكانت أكبر زيادة على أساس شهري من نصيب السعودية والعراق ونيجيريا. في المقابل، أدى انخفاض إنتاج كل من أنجولا والكونغو وليبيا إلى التأثير سلباً على معدل النمو الإجمالي الذي شهده هذا الشهر. وجاءت السعودية في الصدارة مرة أخرى بتسجيلها أكبر زيادة في الإنتاج بمقدار 101 ألف برميل يومياً (+70 ألف برميل يومياً وفقاً لوكالة بلومبرج) ليصل في المتوسط إلى 9.9 مليون برميل يومياً، فيما يعد أعلى معدل إنتاج يتم تسجيله في 19 شهراً. كما كشف تقرير الأوبك أيضا عن تسجيل العراق لثاني أكبر زيادة في الإنتاج بمقدار 91 ألف برميل يوميا ليصل في المتوسط إلى 4.24 مليون برميل يومياً، تليها نيجيريا والكويت بزيادة انتاجهما بواقع 85 ألف برميل و29 ألف برميل يومياً، على التوالي، في نوفمبر 2021.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى