تراجع ضغوط التمويل قصيرة الأجل بعد الوديعة السعودية
تضاءلت ضغوط التمويل قصيرة الأجل، التي كانت تلوح في الأفق خلال الشهرين أو الثلاثة الماضية، إلى حد كبير، بعد إعلان السعودية إيداع 3 مليارات دولار أمريكي بالبنك المركزي المصري، وهي الوديعة التي كانت استحقت بالفعل وسُددت في شهر يوليو الماضي، قبل أن تقرر السعودية إعادة إيداعها من جديد بنهاية أكتوبر، وبشروط سداد أفضل، إذ قال وزير المالية السعودي إن الوديعة أصبحت “طويلة الأجل”، بدلاً من عام واحد في السابق. وقررت السعودية أيضًا تمديد شروط استحقاق وديعة أخرى، بقيمة 2.3 مليار دولار أمريكي، وبذلك تكون مصر قد تمكنت من الحصول على شروط سداد أيسر على إجمالي الوديعتين البالغتين 5.3 مليار دولار أمريكي. وبناء عليه، هدّأت تلك الأنباء المخاوفَ المتعلقة بأي عمليات سحب محتملة لودائع دول الخليج بالبنك المركزي المصري، البالغ قيمتها 15 مليار دولار أمريكي في الوقت الحالي.
فيما تحسن مركز صافي الأصول الأجنبية بالبنوك في سبتمبر
وبالتوازي مع أنباء الوديعة السعودية، تمكن الجهاز المصرفي المصري من إيقاف التراجع في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك، الذي ارتفع في سبتمبر، بعد انخفاضه بواقع 6 مليارات دولار أمريكي في الشهرين السابقين. وتحسن مركز صافي الأصول الأجنبية بالبنوك بواقع 0.6 مليار دولار أمريكي، ليصل صافي الالتزامات إلى 3.8 مليار دولار أمريكي في سبتمبر، نزولاً من 4.4 مليار دولار أمريكي في أغسطس.
وزادت الأصول الأجنبية 1.4 مليار دولار أمريكي، نتيجة لإصدار سندات دولية بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي خلال شهر سبتمبر، كما ارتفعت أيضًا الالتزامات الأجنبية بقيمة 0.8 مليار دولار أمريكي (ما يعكس إصدار أحد البنوك المملوكة للدولة سندات دولية). ورغم ذلك التحسن، نود الإشارة إلى أن مركز صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك ما زال أقل من مستوياته التاريخية، لا سيما عند الأخذ في الاعتبار المستوى المرتفع قياسيًا لحيازة الأجانب لأذون الخزانة المحلية.
المزيد من خطط التمويل المستقبلية
نعتقد، في ضوء التطورات السابقة، أن بمقدور مصر تلبية احتياجاتها من التمويل الخارجي خلال العام المالي الجاري. وعلى الصعيد المالي، كانت الموازنة العامة قد حددت احتياجاتها من صافي الاقتراض الأجنبي بما يتراوح بين 5 و6 مليارات دولار أمريكي خلال العام المالي الجاري (الذي ينتهي في يوليو 2022)، وتمكنت مصر بالفعل من جمع نحو 50% من ذلك المعدل المستهدف من آخر إصدار للسندات الدولية. وستتضمن عمليات الاقتراض الخارجي المستقبلية، التالي، أولا: إصدار أول صكوك سيادية، من المرجح أن يكون ذلك في الربع الثاني من عام 2022، ثانيًا: إصدار سندات خضراء، ثالثًا: توقيع اتفاقية تمويل سياسات التنمية بقيمة 360 مليون دولار أمريكي مع البنك الدولي.
ونعتقد أن المجال يسمح بإصدار سندات دولية أخرى بقيمة أقل في الربع الأول من عام 2022، بالإضافة إلى فرصة الحصول على قرض محتمل من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وأخيرًا، نعتقد أن يأتي صافي تدفقات نقدية تتراوح بين 1 إلى 2 مليار دولار أمريكي في الربع الأول 2021، وذلك بعد إدراج مصر ضمن مؤشر جي بي مورجان للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، مع توقع تدفقات مماثلة من الصناديق النشطة المتتبعة للمؤشرات.
رهان على قطاع السياحة في ضوء توقعات واعدة
تمكنت الحكومة المصرية من جمع التمويلات الكافية، كما ستواصل جمع مزيد من التمويلات خلال الشهور المقبلة، لتلبية احتياجات التمويل المتزايدة، بسبب اتساع عجز ميزان حساب المعاملات الجارية، الذي حدث نتيجة ارتفاع التضخم عالميًا. وأتاح الارتفاع القياسي في تحويلات المصريين بالخارج دعمًا كبيرًا لخفض عجز ميزان حساب المعاملات الجارية، وذلك بعد زيادة تلك التحويلات 14% على أساس سنوي، لتصل إلى 31.4 مليار دولار أمريكي في العام المالي 2021.
يضع كل ما سبق أي تحسن جوهري مرتقب في عجز حساب المعاملات الجارية على عاتق تعافي إيرادات قطاع السياحة إلى مستويات ما قبل تفشي جائحة كورونا، خاصة بعد اتساع عجز حساب المعاملات الجارية بنفس مقدار تراجع إيرادات السياحة خلال العام المالي 2021، وتحديدًا بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي. وبناء عليه، فإن تعافي إيرادات القطاع السياحي إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا، سيعيد عجز ميزان حساب المعاملات الجارية إلى مستوى مطمئن أكثر عند حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي التوقعات التي تدعونا للتفاؤل بشأنها، في ضوء عودة السياحة الروسية إلى مصر بمعدلات جيدة، حيث تُسيّر حاليا 25 رحلة طيران أسبوعيًا من روسيا، وذلك بعد إعلان روسيا رفع قيود السفر إلى المنتجعات السياحية المصرية في أغسطس، بعد انقطاع دام خمس سنوات. وتشير دلائل، من مصادرنا بالشركات السياحية والفنادق، إلى تحسن الحركة السياحية على نحو مشجع للغاية في الربع الثالث 2021، بالإضافة إلى وجود حجوزات ممتدة للربع الأخير من العام، وما بعد تلك الفترة.
ونتوقع أن تتضاعف إيرادات السياحة إلى 10 مليارات دولار أمريكي في العام المالي 2021/2022، مع العلم أنها توقعات متحفظة في ضوء المعطيات المذكورة سابقا، فإننا نود التأكيد على توقعاتنا باستقرار الجنيه المصري خلال الــ 12 شهرًا المقبلة، بالإضافة إلى استقرار أسعار الفائدة البنكية.