بعد ربع قرن.. العملة الأوروبية الموحدة لا تزال صامدة
يستكمل اليورو – عملة أوروبا الموحدة- ربع قرن في الأول من يناير، ليثبت هذا النظام النقدي الذي أقره الاتحاد الأوروبي قدرته على البقاء والصمود، بعد أن كان انهياره متوقعا في كثير من الأحيان.
بدءاً من تاريخ 1 يناير 1999، أصبحت العملة الأوروبية الموحدة “اليورو”، حقيقة واقعة في شكل رقمي فقط قبل أن يتم تداولها من قبل العامة من خلال الأوراق النقدية والعملات المعدنية بعد ثلاث سنوات، وبعد مرور 25 عاماً تبدو النتائج متفاوتة حيث لم يتم تحقيق جميع النتائج المرجوة على أرض الواقع، لكن الأكيد هو أن العملة تمكنت من الاستمرار رغم كثير من التحديات.
ويرى محللون أن بقاء اليورو وصموده بعد ربع قرن من طرحه هو علامة النجاح ودليل على صلابة المشروع النقدي الأوروبي، فيما عدّ الكثيرون أن الاختلافات الاقتصادية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كانت واسعة للغاية بحيث لا يمكن أن تكون قادرة على تشكيل اتحاد نقدي مستدام؛ ولكن ارتفاع عدد دول اليورو من 9 دول في عام 1999 إلى 20 دولة اليوم مع وجود العديد من المرشحين للانضمام أثبت عكس ذلك عملياً.
ومع وجود 20 دولة في منطقة اليورو حاليا، فإن ذلك يجعل العملة الأوروبية الموحدة وسيلة الدفع لنحو 350 مليون شخص.
وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في مقالة افتتاحية بمناسبة الذكرى الـ25 لإطلاق اليورو، إن العملة الموحدة تساعد أوروبا على البقاء متحكمة في مصيرها على المستوى العالمي.
وكتبت لاغارد في المقالة المشتركة مع كلٍ من أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وشارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي، وروبرتا ميتسولا رئيسة البرلمان الأوروبي، وباشال دونوهو رئيس مجموعة اليورو: “إصدار ثاني أهم عملة في العالم منحنا سيادة أكبر في عالم مضطرب”.
وأضاف المسؤولون الأوروبيون: “جعل ذلك (اليورو) الحياة أسهل بالنسبة للمواطنين الأوروبيين، الذين يمكنهم بسهولة مقارنة الأسعار، والتجارة والسفر. لقد منحتنا الاستقرار، وحماية النمو والوظائف وسط سلسلة من الأزمات”.
صمود العملة الأوروبية
عندما احتدمت الأزمة اليونانية في عام 2015، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق ألان غرينسبان إن “الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يدرك الجميع أن التخلي (عن اليورو) هو أفضل استراتيجية”.
ومع هذا لم تخرج اليونان، وبدلا من ذلك فقد استقبلت منطقة اليورو أحدث عضو فيها، وهي كرواتيا في بداية 2023.
ومن منطلق عزم البنك المركزي الأوروبي احتواء التضخم، فيمكن الجزم أن اليورو حقق نجاحاً كبيراً في هذا المجال، حيث يناهز متوسط التضخم منذ عام 1999 في منطقة اليورو 2.1 بالمئة، أي بالضبط الهدف الذي رسمه واضعو العملة الأوروبية.
وعلى الرغم من الأزمات العالمية الأخيرة في العديد من القطاعات، أثبت اليورو أن له ميزة أخرى تكمن في استخدام العملة بين الشركات عند التصدير والتداول، لكنه يظل بالرغم من ذلك أقل نجاحاً في تحفيز النمو الاقتصادي.
في المقابل، أخفق اليورو رغم محاولاته في أن يصبح عملة دولية، حيث ظل الدولار الأميركي أكثر أهمية في التجارة العالمية والاقتصاد العالمي من اليورو؛ وبحسب العديد من الخبراء فإنه من أجل تحقيق نجاح أكبر لليورو، يتعين على منطقة اليورو أن تتكامل أكثر، خاصةً في المجالين النقدي والمالي وهو ما يمثل لب الجدل الأوروبي الحالي سواء داخل المؤسسات الاتحادية في بروكسل أو على مستوى الدول الأعضاء.
وفي حين أن اعتماد اليورو يعد نظرياً شرطاً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فإن جمهورية التشيك وهنغاريا وبولندا والسويد ليست مهتمة بذلك على ما يبدو. فالدنمارك، التي اختارت عدم الانضمام قبل انطلاق العملة، لم تتزحزح عن موقفها أيضاً، بحسب بلومبرغ.
كما أنه لم يحالف الحظ دولتين أخريين طامحتين إلى الانضمام لليورو. فقد عُرقلت مساعي رومانيا للحصول على العضوية بسبب صراعات داخلية. واضطرت بلغاريا، وهي أفقر دولة في الاتحاد الاوروبي، هذا العام إلى التخلي عن خطتها للانضمام في 2024.
وفيما يتعلق بسعر اليورو، فقد بلغ 1.1039 دولار في نهاية عام 2023، محققا مكاسب سنوية بنحو 3 بالمئة، وهو أول عام إيجابي له منذ عام 2020، كما أنه من المتوقع أن يرتفع اليورو بنحو 10 بالمئة خلال العام المقبل، مدفوعاً بضعف واسع النطاق في الدولار والعودة التدريجية لاستثمارات اليورو التي تمت خار