انطلاق فعاليات مؤتمر “فكر 17” في السعودية بحضور جامعة الدول العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية

 انطلقت فعاليات مؤتمر “فكر 17″، الذي تعقده مؤسسة الفكر العربي، بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”، مساء الإثنين، في مدينة الظهران شرق السعودية، بمشاركة 80 متحدثًا و600 مشارك، تحت عنوان “نحو فكر عربي جديد”، برعاية الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، وحضور الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسسة الفكر العربي، ومعالي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووفد رفيع من مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وعدد كبير من المسئولين الحكوميين والقطاع الخاص والمنظمات العربية والإقليمية.

 أجمع المشاركون في المؤتمر على أن الأفكار التي برزت والحلول التي اعتمدت في القرنين الـ19 والـ20، لم تعد ملائمة في العصر الرقمي، ولم تعد قادرة على التعامل مع أسئلة الحاضر وتحديات المستقبل، وأنه ينبغي على المجتمعات العربية نقد الفكر التقليدي السائد، وفي العمل بجهد أكبر في التوعية والاستنهاض، وتبنّي ثقافة التطوير والتغيير، من أجل تحرير الفكر من المعوّقات التي تقيّده، ومدّه بالحيوية الخلّاقة.

وشارك وفد رفيع من مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، برئاسة سعادة الدكتور المهندس علي محمد الخوري، مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي. وعرض سعادة د. الخوري ورقة عمل بعنوان: “التطور التكنولوجي وضرورة العمل بالأجندات المشتركة لمواجهة التهديدات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في المنطقة العربية”، دعا فيها إلى تبني الأهداف وتنفيذ المبادرات بشكل مشترك في المنطقة العربية، وضرورة أن تتجه الخطط الاستثمارية لبناء مقومات معرفية واجتماعية واقتصادية. وسلط سعادة المستشار الخوري في كلمته الضوء على ثلاثة تحديات رئيسية في المنطقة العربية تستدعي الانتباه من راسمي السياسات ومتخذي القرار.

البطالة:

(1) أزمة البطالة المتفاقمة التي وصلت إلى 10% من القوى العاملة، أي حوالي 20 مليون عاطل عن العمل، وأن ذلك بمثابة قنبلة موقوتة تهدد المجتمعات العربية، وأن الحلول الحالية لا تعالج هذه المشكلة. وأن الوضع إن لم يعالج بشكل أكثر جدية وبحلول فعالة، فإن ذلك ينذر بأزمة اقتصادية واجتماعية حادة وخانقة لن تكون الحلول بعدها ذات جدوى.

التنافسية الاقتصادية:

ثم أشار إلى أن البطالة وبطبيعتها تعد تحديًا مركبًا، وأنها من الأسس المكونة والمؤثرة في التنافسية الاقتصادية، موضحًا بأنه وفقًا لتقرير 2019 الصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي فإن مراكز الدول العربية التنافسية متناثرة ما بين المركز 25 لدولة الإمارات والمركز 140 لليمن من بين 141 دولة، وأنه بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي التي استفادت من التعاون والتخطيط المشترك في تعزيز القدرات المعرفية والاقتصادية، فإن دولها تتمركز في الثلث الأول من قائمة التنافسية، حيث تأتي هولندا رابعًا واليونان في المرتبة 59.

الناتج المحلي:

 ثم بين بعد ذلك أن الوجه الآخر للتنافسية هو مؤشر الناتج المحلي، وأنه وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2018، فإن الناتج الإجمالي للدول العربية بلغ 2.7 تريليون دولار. موضحًا بأن اللافت في الأمر بأن دول الخليج تستحوذ على أكثر من 61.5% من الناتج الإجمالي العربي، بما يعادل 1.66 تريليون دولار، بينما الدول العربية الأخرى تمثل مجتمعة ما نسبته أقل من 40% بقرابة التريليون دولار. مؤكدًا بأن القراءات كلها توضح بأن الاقتصادات العربية لا تتحرك بوتيرة ضعيفة وحسب، بل إن مجتمعاتنا العربية ما زالت تتبع النمط الاستهلاكي بدلاً من الإنتاج، وتعتمد على أدوات تقليدية وفكر لا يكفي لإحداث التغيير المأمول والاستفادة من إمكانات العصر الرقمي.

العمل العربي المشترك و”الرؤية العربية”:

 أضاف سعادة المستشار بأن كثيرًا من الدول العربية أطلقت خططًا استراتيجيه ذات التوجه الاقتصادي والخدمي، إلا أنها غير كافية ولا تتمتع بقوة الدفع اللازمة لإحداث تغيير سيضمن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة العربية، وأن الواقع والمصلحة، يفرضان التعاون والعمل المشترك والاستثمار في مشروعات إستراتيجية تستهدف جسر الفجوات الراهنة وتعزيز القدرات الاقتصادية العربية.

وأضاف، بأنه انطلاقًا من هذا المبدأ، فقد وضعت جامعة الدول العربية ومن خلال مجلس الوحدة الاقتصادية العربية حجر الأساس من خلال إعدادها “للرؤية الإستراتيجية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي”، كأداة توجيهية للتنمية الاقتصادية في المنطقة العربية، معتمدة على ركائز التكنولوجيا الرقمية وتوظيف تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة.

التحديات والحلول القائمة:

 أشاد مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بكلمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في افتتاحية المؤتمر، وأنها بالفعل لخصت الحال العربي، مؤكدًا أن الفرصة سانحة، ولكنها لن تدوم طويلاً، وأن التطورات والابتكارات على الساحة العالمية، ستخلق فرصًا وتحديات، وتهديدات تستدعي من الحكومات عدم التهاون أو التقليل من حجم المخاطر التي قد تنجم عنها.

 واختتم سعادة د. علي محمد الخوري كلمته بأنه لا توجد هناك وصفة سحرية، ولكن لا بد للدول العربية أن تبني سلسلة وحدوية تضع أجندات عمل واضحة لملفات الأمن الاجتماعي والاقتصادي على الأقل، والعمل بمبدأ الصورة الكلية والشمولية للأهداف والنتائج، وهو ما يتطلب فهم الحقائق بواقعيتها، ويتطلب أيضًا التقييم العملي والمستمر لمدى تناسب الخطط الاستراتيجية ومخرجاتها مع حجم الأزمات والتحديات الراهنة والمستقبلية في الوطن العربي.

زر الذهاب إلى الأعلى