النفط ينتعش بفعل توقعات نمو الطلب
النفط ينتعش بفعل توقعات نمو الطلب
انتعشت أسعار النفط بوتيرة قوية هذا الأسبوع بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها المسجلة
منذ يوليو 2023 بعد صدور عدد من التقارير التي سلطت الضوء على انتعاش الطلب على المدى القريب إلى جانب استمرار شح الامدادات.
وفقا لتقرير كامكو انفست حول أداء أسواق النفط العالمية لشهر نوفمبر
وجاءت تلك المكاسب بعد أن أظهرت التقارير الشهرية الصادرة عن كلا من الأوبك ووكالة الطاقة الدولية
أن مخاوف الطلب خلال الأسابيع القليلة الماضية كانت مبالغ فيها مما أدى إلى تراجع الأسعار.
كما ساهم في تعزيز الأسعار استمرار الأوبك وحلفائها خفض حصص الإنتاج
حيث أكدت السعودية وروسيا استمرار سياسات خفض الانتاج حتى نهاية العام الحالي
هذا إلى جانب دعوات العراق لفرض تخفيضات إضافية.
كما أدت الشكوك المتعلقة بنمو الإنتاج الأمريكي وكذلك وصول الطلب على السفر إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19
في الولايات المتحدة والتحقيق الذي أجرته وزارة الخزانة الأمريكية في انتهاك العقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع الأسعار.
من جهة أخرى، قابل تلك المكاسب ضعف معنويات المستهلكين في الولايات المتحدة.
وفي ذات الوقت، تعزى تراجعات الأسعار حتى منتصف الأسبوع الماضي
والتي دفعتها للانخفاض إلى ما دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل للمرة الأولى منذ يوليو 2023
بصفة رئيسية إلى مخاوف الطلب في الولايات المتحدة والصين
وارتفاع المخزونات في الولايات المتحدة بالإضافة إلى قوة الدولار الأمريكي
الذي تم تداوله عند أعلى مستوياته المسجلة في 11 شهراً مقابل سلة من العملات الرئيسية ببداية الشهر.
كما أدى تراجع المخاوف المتعلقة بالحرب على غزة وتأثيرها على الإمدادات من المنطقة إلى هذا الانخفاض.
صعيد الطلب
وعلى صعيد الطلب، قامت وكالة الطاقة الدولية برفع توقعاتها
لنمو الطلب للعام الحالي إلى 2.4 مليون برميل يومياً مقابل 2.3 مليون برميل يومياً وفقاً لتوقعاتها السابقة
على خلفية زيادة الطلب في الربع الرابع من العام 2023 على خلفية قوة الطلب المفاجئة من قبل الصين.
إلا أن البيانات الأخيرة كشفت عن تعثر الطلب في الصين حيث طلبت شركات التكرير إمدادات أقل لشهر ديسمبر من السعودية بسبب نقص الحصص وكذلك انخفاض هوامش التكرير.
ومن المتوقع أيضاً أن تؤثر التوقعات التي تشير إلى تسجيل درجات الحرارة
لمستويات أكثر اعتدالاً في الشتاء على الطلب من الصين.
كما يتوقع أن يساهم الطلب الناجم عن موسم السفر في الولايات المتحدة خلال عطلة عيد الشكر في دعم الاستهلاك
خلال هذا الربع. جاء ذلك بعد يوم واحد من تعديل الأوبك لتوقعات الطلب على النفط
لهذا العام مع الإبقاء على توقعاتها للعام المقبل.
وفي أوروبا، من المتوقع أن ينخفض الطلب على النفط في ألمانيا هذا العام
وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية فيما يعزى بصفة رئيسية إلى انخفاض الطلب على الوقود الصناعي.
وفيما يتعلق بالمنتجات المكررة، من المتوقع أن ينتعش الطلب على وقود الطائرات على المدى القريب، وفقاً لوكالة بلومبرج.
صعيد العرض
أما على صعيد العرض، ظل إنتاج النفط في الولايات المتحدة مرتفعاً، إذ وصل إلى 13.2 مليون برميل يومياً خلال شهر أكتوبر
2023، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الطاقة الأمريكية.
وجاءت زيادة الإنتاج على الرغم من انخفاض عدد منصات الحفر النفطي، مما يشير إلى تحسن كفاءة الحفر من قبل شركات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، وصل إنتاج النفط في البرازيل إلى مستويات قياسية في سبتمبر 2023 في ظل التوقعات
التي تشير إلى وصول إنتاج العام بأكمله إلى مستويات قياسية.
من جهة أخرى، ارتفع إنتاج النفط من قبل الأوبك بوتيرة هامشية على أساس شهري في أكتوبر 2023
إذ بلغ الإنتاج الشهري 27.9 مليون برميل يومياً في المتوسط.
وكشفت بيانات المصادر الثانوية للأوبك عن ارتفاع الإنتاج بصفة رئيسية في أنجولا وإيران
وهو الأمر الذي قابله تراجع انتاج كل من السعودية وليبيا والكويت.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
وصلت أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ أكثر من ثلاثة أشهر بمنتصف الأسبوع الماضي بعد تلاشي
المخاوف المتعلقة باضطرابات الطلب الناجمة عن الحرب في غزة، في الوقت الذي استمر فيه تزايد إنتاج النفط الأمريكي.
وانخفضت أسعار العقود الآجلة لمزيج خام برنت إلى ما دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل في 8 نوفمبر 2023
ووصلت إلى 79.54 دولار أمريكي للبرميل، إلا انها أظهرت نمواً متواصلاً على مدار جلسات التداول الأربع التالية
فيما يعد أطول سلسلة من الأداء الإيجابي المستمر خلال شهرين.
إلا أن الأسعار عاودت الانخفاض للأسبوع الثالث على التوالي خلال الأسبوع الماضي
وانخفضت بنحو 14.5 في المائة من مستويات القمة بنهاية سبتمبر 2023.
وتراجعت أسعار كافة خامات النفط تقريباً خلال شهر أكتوبر 2023.
إذ انخفض متوسط سعر مزيج خام برنت بنسبة 3.0 في المائة ليصل إلى 91.12 دولار أمريكي للبرميل.
كما انخفض متوسط سعر سلة الأوبك المرجعية وسعر خام التصدير الكويتي بنسبة 3.0 في المائة
ليصلا إلى 91.78 دولار أمريكي للبرميل و92.85 دولار أمريكي للبرميل، على التوالي.
وشهدت تقديرات الاجماع لتوقعات سعر مزيج خام برنت ارتفاعاً هائلاً مقارنة بتوقعات الشهر الماضي.
ومن المتوقع الآن أن تصل الأسعار إلى 90.0 دولار أمريكي للبرميل بنهاية الربع الرابع من العام 2023 مقابل 86.5 دولار أمريكي للبرميل المتوقعة الشهر الماضي لهذا الربع.
كما تم رفع التوقعات للربعين القادمين، وفقاً لتقديرات وكالة بلومبرج.
الطلب العالمي على النفط
تم رفع توقعات نمو الطلب العالمي على النفط للعام 2023 هامشياً وفقاً للتقرير الشهري الأخير الصادر عن الأوبك.
ومن المتوقع أن ينمو الطلب الآن بمقدار 2.5 مليون برميل يومياً مقابل 2.4 مليون برميل يومياً المتوقعة الشهر الماضي
ليصل إلى 102.1 مليون برميل يومياً.
ويعكس التعديل التصاعدي ارتفاع الطلب المتوقع من قبل الصين خلال الربعين الثالث والرابع من العام 2023
والذي يقابله خفض تقديرات الطلب للدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الثالث من العام 2023.
كما تمت مراجعة بيانات الطلب للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن فترة الأرباع الثلاثة الأولى من العام
إلا ان ذلك قابله مراجعة التوقعات على المستوى الإقليمي.
وفيما يتعلق بفئات المنتجات، من المتوقع أن يرتفع الطلب على وقود الطائرات
خلال الأسابيع المقبلة بعد أن شهد اتجاهات ضعيفة على مدار الأسابيع القليلة الماضية وفقاً لوكالة بلومبرج.
ومن المتوقع أن يتم دعم نمو الطلب من خلال زيادة الطلب على وقود الطائرات في آسيا
والذي من المتوقع أن يرتفع جزئياً ليعوض بذلك انخفاض الطلب من أوروبا الشرقية والغربية وأمريكا الشمالية.
من جهة أخرى، ظلت تقديرات نمو الطلب على النفط في العام 2024 دون تغير يذكر مقارنة بالشهر السابق
إذ استقرت عند مستوى 2.2 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط الطلب 104.3 مليون برميل يوميا.
كما يتوقع أن يظل الطلب على النفط في الولايات المتحدة مرتفعاً على خلفية زيادة الاستهلاك الشخصي.
ووفقاً لمنظمة الأوبك، ظل نشاط التصنيع في الولايات المتحدة منتعشاً في حين من المتوقع
أن تساهم بداية فصل الشتاء في تعزيز الطلب على وقود التدفئة.
ومن المتوقع أن يتأثر الطلب على النفط في أوروبا بانخفاض الطلب في ألمانيا
بسبب الانخفاض الحاد للطلب على الديزل والنفتا، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
ومن المتوقع أن يكون هذا الانخفاض هو الأكبر هذا العام لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
العرض من خارج الأوبك
زاد الانتاج العالمي من السوائل النفطية خلال شهر أكتوبر 2023 بعد أن ظل ثابتاً خلال الشهرين السابقين.
ووفقاً للبيانات الأولية، بلغ متوسط إمدادات النفط العالمية 101.6 مليون برميل يوميا
بعد تسجيل زيادة شهرية قدرها 0.27 مليون برميل يومياً.
ووفقاً لمنظمة الأوبك، كان النمو مدفوعاً بارتفاع إنتاج كلا من الدول التابعة وغير التابعة لمنظمة الأوبك.
وأضاف الموردون من خارج الأوبك 0.2 مليون برميل يوميا خلال الشهر
إذ بلغ متوسط الإنتاج 73.7 مليون برميل يومياً على خلفية ارتفاع الإنتاج الخاص بالنرويج والدول الأمريكية التابعة
لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو الأمر الذي قابله انخفاض الإنتاج في روسيا والبرازيل.
كما ارتفع إنتاج الأوبك خلال الشهر بمقدار 80 ألف برميل يوميا ليصل إلى 27.9 مليون برميل يومياً.
كما شهدت تقديرات نمو إمدادات السوائل النفطية من خارج الأوبك للعام 2023 مراجعة تصاعدية
بصورة هامشية قدرها 0.1 مليون برميل يومياً وفقاً لأحدث تقرير شهري صادر عن الأوبك.
ومن المتوقع الآن أن يصل متوسط العرض إلى 67.59 مليون برميل يومياً في العام 2023.
وتم إجراء مراجعات تصاعدية لتقديرات العرض خلال الأرباع الثاني والثالث والرابع من العام 2023
بما يعكس ارتفاع الإنتاج من روسيا والولايات المتحدة والبرازيل
والذي تم تعويضه جزئياً بانخفاض التوقعات الخاصة بكندا والنرويج.
كما شهدت توقعات نمو العرض للعام 2024 تعديلاً صعودياً بصورة هامشية ليصل متوسط الإمدادات إلى 68.97 مليون برميل يومياً.
انتاج الأوبك من النفط الخام
زاد إنتاج الأوبك من النفط للشهر الثالث على التوالي في أكتوبر 2023.
إذ وصل إجمالي الإنتاج إلى 28.1 مليون برميل يومياً خلال الشهر، مسجلا نمواً قدره 50 ألف برميل يومياً
وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى ارتفاع إنتاج منتجي النفط الافارقة وفنزويلا
والذي قابله جزئياً انخفاض الإنتاج بصفة رئيسية من كل من العراق وإيران والكويت وليبيا.
وكشفت بيانات الإنتاج من مصادر الأوبك الثانوية عن تسجيل نمواً شهرياً أعلى قليلاً قدره 80 ألف برميل يومياً مع وصول إجمالي الإنتاج إلى 27.9 مليون برميل يومياً خلال الشهر.
وجاء النمو، وفقاً للأوبك على خلفية الزيادة الحادة في الإنتاج بصفة رئيسية من أنجولا (+51 ألف برميل يومياً) وإيران (+46 ألف برميل يومياً)
وهو الأمر الذي قابله انخفاض إنتاج السعودية (-26 ألف برميل يومياً)، وليبيا (-26 ألف برميل يومياً)
والكويت (-24 ألف برميل يومياً)، وفنزويلا (-7 آلاف برميل يومياً).
وكان التغير الذي طرأ على إنتاج بقية أعضاء الأوبك هامشياً في الغالب، إلا انه كان إيجابياً وفقا لتقرير الأوبك الشهري.
وخلال الشهر، أكدت السعودية وروسيا عزمهما مواصلة التخفيضات الطوعية البالغة 1.3 مليون برميل يومياً
خلال الفترة المتبقية من العام الحالي.
وكان إنتاج السعودية ثابتاً تقريباً خلال الشهر، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج
إذ استقر عند 9.0 مليون برميل يومياً، فيما يعد أحد أدنى مستويات الإنتاج التي تسجلها المملكة منذ سنوات.
وفي ذات الوقت، فإنه في ظل توقع وكالة الطاقة الدولية توافر فائض من الإمدادات ببداية العام 2024
يتوقع العديد من المحللين أن تقوم السعودية بتمديد خفض حصص الإنتاج الطوعية التي تطبقها حالياً إلى العام المقبل.