إنتليجنس تثبت التصنيف الائتماني للسعودية مع نظرة مستقرة

إنتليجنس تثبت التصنيف الائتماني للسعودية مع نظرة مستقرة
أعلنت وكالة كابيتال إنتليجنس للتصنيفات الائتمانية (CI Ratings) عن تثبيت التصنيف الائتماني طويل الأجل للعملة الأجنبية والمحلية للمملكة العربية السعودية عند مستوى “AA-“.
كما ثبتت الوكالة التصنيف الائتماني قصير الأجل للعملتين عند “A1+”.
وأبقت الوكالة على النظرة المستقبلية للتصنيفات عند “مستقرة”.
مبررات التصنيف
يعكس هذا التثبيت تحسن مرونة الاقتصاد السعودي وزيادة قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية، بدعم من السيولة الدولية القوية
وتراجع تدريجي – وإن كان لا يزال مرتفعًا – في الاعتماد على إنتاج الهيدروكربونات، بفضل الإصلاحات الهيكلية ضمن “رؤية السعودية 2030”.
كما تأخذ التصنيفات في الحسبان احتفاظ المملكة باحتياطيات مالية وخارجية كبيرة، رغم فترات ممتدة من خفض إنتاج النفط طوعًا.
تدعم التصنيفات احتياطات المملكة النفطية الضخمة، والتي تمثل أكثر من 16% من الاحتياطيات العالمية المؤكدة.
وتشمل العوامل الإيجابية أيضًا انخفاض مستوى الدين الحكومي المركزي، وقوة القطاع المصرفي الذي يتمتع برؤوس أموال جيدة ومخاطر تمويل خارجي محدودة.
في المقابل، تقيد التصنيفات محدودية تنويع الاقتصاد، والاعتماد الكبير على إيرادات النفط والغاز المتقلبة،
إضافة إلى المخاطر الجيوسياسية، وانخفاض مستوى الشفافية المالية، وارتفاع الإنفاق خارج الميزانية.
وتشير الوكالة إلى أن تصعيد النزاع بين إسرائيل وإيران قد يضر بالاقتصاد السعودي، خصوصًا إذا أثّر على صادرات النفط، لكنها لا تتوقع حاليًا سيناريو طويل الأمد عالي التأثير.
ترى الوكالة أن الإصلاحات المتواصلة ضمن رؤية 2030 تُعد عاملًا إيجابيًا يدعم تنويع الاقتصاد وتقليل هشاشة المالية العامة تجاه تقلبات أسعار النفط.
وقد ساهمت الإصلاحات حتى الآن في تعزيز الثقة الاقتصادية، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل،
وجعل السعودية مركزًا إقليميًا للسياحة، حيث ارتفعت عائدات السياحة بنسبة 14% تقريبًا في عام 2024.
كما يُتوقع أن تقلل هذه الإصلاحات الاعتماد على الوقود الأحفوري من خلال تعزيز الاستثمارات في الطاقة النظيفة.
السيولة الخارجية
لا تزال السيولة الخارجية قوية جدًا، رغم تحول الحساب الجاري إلى عجز بنسبة 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مقابل فائض بلغ 2.8% في 2023،
نتيجة استمرار خفض إنتاج النفط وارتفاع الواردات، خاصة في قطاعي المعدات والعتاد العسكري.
ورغم أن الدين الخارجي الإجمالي لا يزال منخفضًا، تتوقع الوكالة ارتفاعه إلى 32.4% من الناتج في 2025، مقابل 30.1% في 2024، بسبب زيادة الاقتراض الخارجي وتباطؤ الصادرات.
الاحتياطيات المالية والدين العام
تستمر الاحتياطيات المالية الكبيرة في دعم التصنيف، حيث بلغت ودائع الحكومة لدى البنك المركزي السعودي 393 مليار ريال (8.0% من الناتج) في مارس 2025.
كما ارتفع رصيد الأصول الأجنبية الخاضعة لإدارة البنك المركزي إلى 454.3 مليار دولار، متجاوزًا إجمالي الدين الخارجي للمملكة.
ويُتوقع أن تسجل صافي الأصول الخارجية، باستثناء استثمارات صندوق الاستثمارات العامة، 13.3% من الناتج في نهاية 2024.
رغم تسجيل عجز في موازنة الحكومة المركزية بنسبة 2.5% من الناتج في 2024 (مقارنة بـ1.8% في 2023)، فإن مستوى الدين لا يزال منخفضًا عند 26.2% من الناتج.
وتتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط العجز 3.0% خلال 2025-2026، على أساس متوسط سعر نفط يبلغ 62.5 دولارًا للبرميل، واستمرار عكس تخفيضات أوبك+.
وتشير الوكالة إلى أن الحكومة ستواصل الاستفادة من توزيعات الأرباح من شركة أرامكو، سواء العادية أو المرتبطة بالأداء.
تمويل العجز وإدارة الدين
رغم اتساع العجز، فإن مخاطر السيولة لا تزال تحت السيطرة، إذ تُقدّر الحاجة التمويلية الإجمالية بـ5.4% من الناتج في 2025.
وقد حافظت الحكومة على نهج نشط في إدارة الدين مع وصول جيد إلى أسواق المال،
حيث أصدرت في يناير 2025 صكوكًا بقيمة 12 مليار دولار (1.0% من الناتج) تم تغطيتها ثلاث مرات،
تلتها سندات خضراء وتقليدية بقيمة 2.25 مليار يورو في فبراير.
كما تم سداد صكوك بقيمة 60 مليار ريال (16 مليار دولار) عبر إصدارات جديدة، ما حسّن من آجال الاستحقاق وخفف عبء السداد حتى 2029.
ووفق خطة وزارة المالية، تعتزم إدارة الدين الوطني إصدار ديون داخلية وخارجية بقيمة 139 مليار ريال في 2025 (2.8% من الناتج) لتغطية العجز والحفاظ على الاحتياطيات.
التحديات والمخاطر
رغم قوة المركزين المالي والخارجي، تظل هناك تحديات تتعلق بتقلبات أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية، ومخاطر تنفيذ المشاريع الضخمة.
إلا أن الوكالة ترى أن احتياطيات السعودية الكبيرة وسياستها الاقتصادية النشطة والإصلاحات المستمرة توفر قاعدة قوية للحفاظ على التصنيف الائتماني وتحقيق الأهداف الاقتصادية طويلة الأجل.
الإنفاق خارج الميزانية
تلاحظ الوكالة زيادة كبيرة في الإنفاق خارج الميزانية منذ عام 2020،
خصوصًا على المشاريع الكبرى في إطار رؤية 2030، والممولة بشكل رئيسي من موارد صندوق الاستثمارات العامة أو من خلال الاقتراض المباشر.
وقد أصدر الصندوق سندات وصكوكًا دولية بقيمة 5.25 مليار دولار خلال 2025.
ومن المتوقع استمرار زيادة الإنفاق خارج الميزانية خلال المدى القريب والمتوسط استعدادًا لمعرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034.
أداء الاقتصاد وسوق العمل
لا يزال أداء الاقتصاد قويًا، مدفوعًا بنمو قوي في القطاعات غير النفطية وتراجع الاعتماد على النفط.
وساهمت الأنشطة غير النفطية بـ56% من الناتج بالأسعار الجارية في 2024، مقابل 53.2% في 2023 و47.2% في 2022.
وحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 1.3% في 2024، بفضل نمو 4.3% في القطاعات غير النفطية، رغم انكماش قطاع النفط بنسبة 4.5%.
وتتوقع الوكالة نمو الاقتصاد بنسبة 3.3% في 2025 و3.7% في 2026، مع تعافي إنتاج النفط واستمرار زخم القطاعات غير النفطية.
تشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء إلى تراجع معدل البطالة الإجمالي (سعوديين وغير سعوديين) إلى 3.2% في 2024، مقابل 4.4% في 2023، بينما تراجع معدل بطالة السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي عند 7.0%.
وبلغت نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة 33.1% متجاوزة مستهدف رؤية 2030 البالغ 30%.
القطاع المصرفي
تُقيّم الوكالة القطاع المصرفي بأنه قوي، مستندًا إلى انخفاض القروض المتعثرة، وارتفاع رؤوس الأموال، وربحية جيدة، واعتماد محدود على التمويل الخارجي.
لكن تبقى هناك مخاطر محتملة تتعلق بتركيزات كبيرة في جانب الأصول والتمويل في الميزانيات البنكية.