ما الذي جاء في خطة لبنان لإنقاذ الاقتصاد من الأزمة المالية؟

دعا مشروع البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة إلى خفض معدلات الفائدة وإعادة رسملة المصارف في إطار خطة إنقاذية طارئة تتضمن ”خطوات مؤلمة“ لمعالجة الأزمة المالية العميقة في البلاد.
ومسودة البيان الوزاري الذي جاء في 17 صفحة ووافقت عليه لجنة وزارية يوم السبت لا تزال بانتظار الحصول على ثقة البرلمان. ومن المتوقع أن تجتمع اللجنة مرة أخرى يوم الإثنين لإجراء القراءة النهائية.
وتشكلت الحكومة اللبنانية الجديدة بدعم من حزب الله القوي وحلفائه في 21 يناير كانون الثاني بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من الاحتجاجات الضخمة ضد النخبة الحاكمة التي ينظر إليها على أنها فاسدة وضالعة في إهداء المال العام.
وتواجه الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب ضغوطًا مالية شديدة بما في ذلك النقص الحاد في الدولار مما أدى إلى تداعي الثقة في البنوك، التي فرضت قيودًا صارمة على حركة رؤوس الأموال، فضلًا عن استمرار ضعف الليرة اللبنانية وارتفاع الأسعار.
ركز البيان الذي نشرته رويترز على ”حماية أموال المودعين لاسيما صغارهم في المصارف اللبنانية وتنظيم علاقة المصارف مع عملائهم… والمحافظة على سلامة النقد. واستعادة استقرار النظام المصرفي من خلال مجموعة تدابير منها إعادة رسملة المصارف ومعالجة تزايد القروض المتعثرة“.
وجاء في مسودة البيان أن خطة الانقاذ الاقتصادية تتضمن ”خطوات مصيرية وأدوات علاج ستكون مؤلمة“ تجنبًا ”للانهيار الكامل الذي سيكون الخروج منه صعبًا إن لم نقل شبه مستحيل“.
وأضاف: ”لا يمكن لأي خطة إنقاذية أن تنجح ما لم نقم بتخفيض الفائدة على القروض والودائع وذلك لإنعاش الاقتصاد وتخفيض كلفة الدين“.
ولبنان لديه واحد من أعلى مستويات الدين العام في العالم. وينبغي أن يقرر بسرعة كيفية سداد 1.2 مليار دولار تستحق في مارس آذار.
وتحدث البيان عن خفض خدمة الدين العام ”من خلال التعاون بين وزارة المال ومصرف لبنان والمصارف لتحقيق خفض ملموس لمعدلات الفوائد على القروض والودائع في القطاع الخاص وعلى توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان بشكل ينعكس إيجابًا على إدارة السيولة والاقتصاد ويخفف العبء على المالية العامة“.
كما تضمن مشروع البيان ”إجراء إصلاحات ضريبية تعتمد على تحسين الجباية وعلى مكافحة التهريب من المعابر الشرعية وغير الشرعية ومكافة التهرب الضريبي باعتماد الضريبة التصاعدية الموحدة على مجمل المداخيل”.
ووفقًا لمسودة البيان الوزاري فإن الحكومة تتعهد ”بتخفيض النفقات العامة وإعادة هيكلة القطاع العام عبر خطوات عدة بما فيها مكافحة الهدر“.
أما فيما يتعلق بتحفيز النمو الاقتصادي فقد دعا البيان إلى ”العمل على توسيع مروحة التسهيلات المقدمة من مصرف لبنان وحثه على ضخ السيولة بالدولار الأمريكي لدعم استيراد المواد الأولية والمعدات الصناعية وقطع الغيار“.
والخطة المتكاملة ستشمل مشاريع قوانين وإجراءات مجدولة على مراحل ثلاث من مئة يوم إلى ثلاث سنوات من تاريخ نيل الثقة في البرلمان. وتدعو أيضًا إلى التواصل مع كل المؤسسات والجهات المانحة أو الداعمة من أجل تأمين الحاجات الملحة والقروض الميسرة وتغطية الحاجات التمويلية للخزينة. ولم يحدد مشروع البيان المؤسسات ولا المبلغ المطلوب.
ويؤكد البيان ”الحرص على تكثيف التواصل مع الدول العربية الشقيقة والصديقة وكذلك أعضاء مجموعة الدعم الدولي والمنظمات والهيئات الدولية الإقليمية المعنية بغية العمل على توفير أوجه الدعم كافة للبنان باعتبار أن استقرار لبنان ضرورة إقليمية ودولية“.
وتعهد المانحون الدوليون بحوالي 11 مليار دولار في مؤتمر باريس عام 2018 لكنهم حجبوا الأموال حتى يلتزم لبنان بالإصلاحات التي تهدف إلى تقليص الهدر.
وقال البيان إن الحكومة ستركز على معالجة الفساد وهو مطلب رئيسي للمتظاهرين. كما تعهدت بمتابعة التحقيقات واتخاذ الإجراءات اللازمة بخصوص الأموال التي حولت إلى خارج البلاد بعد 17 أكتوبر تشرين الأول خلافًا للقانون ورفع السرية المصرفية والحصانة عن كل من يتولى الوظيفة العامة.
يرتكز البيان الوزاري على برنامج عمل يتضمن ”خطة طوارئ إنقاذيّة، وسلة إصلاحات محورها ورشة إصلاح قضائي وتشريعي ومكافحة الفساد وتصحيحات ومعالجات في المالية العامة ويواكبها إجراءات اقتصادية تحفز الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج… ويمكن الاستعانة بالخطة الاقتصادية التي أعدها المكتب الاستشاري ماك كنزي“.
ووفقًا لمسودة البيان فإن ”من صلب خطة الانقاذ الشاملة وضع خطة مالية عامة متوسطة الأجل لضبط الاختلالات المالية ووضع العجز للناتج المحلي في منحى تراجعي“.
ووصف البيان الحكومة الجديدة بأنها ”حكومة مستقلة عن التجاذب السياسي تعمل كفريق عمل من أھل الاختصاص. فلا وساطة ولا محاصصة ولا مراعاة لأي كان على حساب القانون والمصلحة العامة… حكومة تلتزم بإنجاز خطة طوارئ خلال الأسابيع الأولى لمعالجة حاجات الناس الطارئة“.
كما يؤكد البيان على ”حق المواطنات والمواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة… واعتماد سياسة النأي بالنفس عن السياسات التي تخل بعلاقاتنا العربية“.
وشملت مقترحات البيان الوزاري ًالاسراع في إجراء دورة التراخيص الثانية في قطاعي النفط والغاز وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء كجزء من إصلاح قطاع الكهرباء.
كما التزم البيان بالعمل ”على إعداد مشروع قانون للانتخابات النيابية يعكس تلاقي اللبنانيات واللبنانيين في الساحات ويحاكي تطلعاتهم“.
قال وزير المالية اللبناني غازي وزني لقناة إل.بي.سي يوم السبت الماضي إن الحكومة تلقت تعميم مصرف لبنان (البنك المركزي) لتنظيم العلاقة بين المصارف وزبائنها وستقوم بدراسته والبت في الأمر خلال أيام.
وفرضت البنوك اللبنانية قيودًا مشددة على سحب الودائع ومنعت معظم التحويلات إلى الخارج منذ أكتوبر تشرين الأول في محاولة لمنع خروج رؤوس الأموال بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل احتجاجات مناهضة للحكومة.
لكن السلطات لم تحدد قيودًا رسمية لرأس المال تنظم هذه الإجراءات.
وطلب رياض سلامة حاكم مصرف لبنان سلطات استثنائية في الشهر الماضي من حكومة تصريف الأعمال وقتئذ بهدف صياغة إجراءات لضمان معاملة جميع العملاء على قدم المساواة.
وصرح سلامة لقناة إل.بي.سي يوم السبت أن التعميم قُدم لرئيس الوزراء حسان دياب ووزير المالية قبل عشرة أيام.
وأضاف أنهما إذا وافقا على التعميم فإنه ”لن يتضمن تدابير استثنائية“.
وتابع: ”الأعمال ستتواصل في المصارف كالمعتاد… الهدف هو إيجاد معاملة متساوية وعادلة بين جميع الزبائن“.
وأكد وزني استلام التعميم وأضاف ”سنقوم بدراسته وسنبت بالأمر خلال أيام”.