ماذا قال خبير البورصة أحمد شحاته لجريدة الوفد؟
حاور الكاتب الصحفي صلاح الدين عبدالله على صفحات جريدة الوفد اليوم أحمد شحاتة مدير الأوراق المالية بشركة أودن للاستثمارات المالية، ورئيس الجمعية المصرية للمحللين الفنيين السابق
فاذا قال شحاته لجريدة الوفد؟ هذا نص الحوار
كل واحد يعرف ما هى أسطورته الشخصية، فلكل منا حكاية لا تتكرر، يصعب نسيانها، لا يتوقف عندها الزمن، ولكن تتوقف أنت عندها، فأجعل ابتسامة الثقة أن غدًا أفضل.. كل شيء ممكن، لا تخف من أن تحلم، أو تتمنى ما يجب أن تفعله.. وهكذا محدثى فلسفته لا صعب يدوم، إلا إذا استسلمت واقتنعت أن حظك سيئ.
إذا لم تكن قويًا، فستقلع عن تجربة ربما تجد فيها ضالتك، فحينما تستطيع تخيل صورة ما، يمكنك أن تجعلها واقعاً، وإذا كنت تستطيع أن تحلم يمكِنك تحقيق حلمك، وعلى هذا كانت مسيرته لا تعرف المستحيل أو التراجع.
لا ينظر إلى الأمور من ظواهرها، مبدأه ربما لا تستطيع التحكم فى الظروف، ولكن بأفكارك تتجاوز الصعاب، منظم، ومنضبط لأبعد الحدود، يحمل العرفان للجميع، دائمًا فى صراع ذاتى للوصول إلى الأفضل.
«تغلب على كل شعور خوف بداخلك».. ذلك انطباعى عن الرجل حينما وجدت كل شيء يدعو للتفاؤل والطاقة الإيجابية.. ممر طويل فاصل بين المدخل الرئيسى، وحجرة مكتبه، ساعة من الطراز القديم، تحتل الجزء الأكبر من المدخل، وفلسفته فى ذلك أن الساعة تعبيرًا عن الزمن والحياة.. مجموعة من اللوحات الزيتية الممتزجة بالألوان الخضراء، التى تحمل النمو، وتفاصيل الطبيعة بجمالها، عبر الممر بعض الانتيكات الحاملة لجزء من مسيرته… المشهد لا يختلف كثيرًا فى حجرة مكتبه، سطح المكتب لا يخلو من قصاصات ورقية، قلم، وساعة، وأجندة صغيرة دون بداخلها كلمات تحكى تفاصيل حياته، وأسرته.. رسائل شكر شملت والديه، وزوجته، سطرت فى أولى الصفحات، ومحطات صعبة كانت لها الأثر فى صناعته.
حماس قائم على أرقام ودلائل من سمات موضوعيته، تركيز فيما يقول، تفاؤل بمشهد اقتصادى بات واضحًا، يحلل المشهد الاقتصادى عالميًا وتأثير جائحة كورونا، المفاجئة على الاقتصاديات، التى غيرت الوضع حتى فى الدول الكبرى، ومتوقع المزيد، خاصة أن تأثير الجائحة لم يتكشف بصورته الشاملة، فى ظل مشكلات يعنيها الاقتصاد العالمى منذ سنوات، خاصة مع ارتفاع الديون العالمية للدول، فالأرقام الحالية غير معبرة عن التوقف الذى شهدته اقتصاديات العالم، لكن المشهد يختلف فى الاقتصاد المصرى، فى ظل مؤشرات كلية وقطاعية تشير إلى أن الاقتصاد نجح فى التماسك ومواجهة جائحة كورونا.. من هنا كانت نقطة الحوار.
لا يتابع الرجل الأمور من الظاهر، وإنما يفتش فى الجوهر والمضمون، نفس الحال يكون حينما يتحدث عن مستقبل الاقتصاد المصرى، يعتبر أن الاقتصاد الوطنى يتمتع بموارد طبيعية متكاملة ومتنوعة، وبالاستخدام الأمثل لهذه الموارد، بإدارة محترفة، تكون القدرة للوصول إلى قائمة الدول الصناعية المتقدمة، بشرط الاهتمام والتطوير فى مجال الصحة والتعليم، وتأهيل جيل جديد، يتماشى مع المتغيرات العالمية، فى صورها الحديثة وهو ما تقوم به الحكومة.
< إذن التنوع الذى يحظى به الاقتصاد الوطنى أسهم فى التماسك وقت الأزمات.
بحماس وثقة يجيب قائلًا: «تنوع موارد الاقتصاد أسهم بصورة كبيرة فى مواجهة الأزمات، منذ ثورة يناير 2011، وحتى التصدى لجائحة كورونا، بل نجحنا فى تحقيق مستهدفات، مدعومة بأرقام حقيقية، وقوة إرادة حكومية، بتنفيذ قراراتها، دون النظر لرد فعل هذه القرارات، بسبب قدرة الحكومة على تحمل مسئولياتها، وتحديد خطط مستقبلية للاستثمار والمستثمرين يتم الالتزام بها، خاصة أن
أهم شهادة لتقييم الاقتصاد الوطنى تتمثل فى تدفق الاستثمارات والأموال الأجنبية».
تحمل المسئولية منذ صباه منحته القدرة على الحديث بصورة دقيقة، عندما يتحدث عن رجل الشارع ومدى استفادته من الإصلاح الاقتصادى من عدمه يتبين من تحليله، أن الاقتصاد عانى من مشكلات طوال السنوات الماضية، سواء فى الديون أو التضخم، أو العملة، أو الإنتاج، وبالتالى فإن نتائج الإصلاح، وتأثيره الإيجابى على رجل الشارع سوف يستغرق وقتًا، حتى يصل المواطن لمرحلة الرضا، وعلى الدولة التعامل هنا بسياسة فكر الأولويات، ومتطلباتها فى تحقيق استراتيجية، قادرة على تحقيق نتائج إيجابية على المدى المتوسط.
الحماس وقود يدير المحرك لتحقيق النجاح، هكذا يصف المشهد فى السياسة النقدية، والممثلة فى البنك المركزى، وما اتخذه من إجراءات سريعة تحقق الاستقرار الاقتصادى، ومواجهة التضخم، لا يخف الرجل رضاه عن مسار السياسية النقدية، ونجاها بالحفاظ على سعر الصرف، وتحقيق تراجع فى معدلات التضخم، مما أسهم فى تحقيق سعر فائدة حقيقى بالإيجاب، تسبب فى استقطاب المؤسسات المالية العالمية للاستثمار، فى أذون الخزانة والسندات، ولكن لا يزال ينقص السياسة النقدية، المزيد من عمليات خفض سعر الفائدة، وتحقيق التناغم بين السياسة النقدية، والمالية وليس صراعا، بما يحدد طبيعة السياسة السائدة انكماشية أو توسعية.
رغم موجه الخفض فى سعر الفائدة فإن محدثى له رؤية تقوم على استكمال موجة الخفض، لتحقيق التوازن مع التضخم، بما يسهم فى تنشيط أكثر فى الاقتصاد.
< لكن استمرار عملية خفض الفائدة تكون تداعياته سلبية على شرائح من المواطنين تعتمد على عائد ودائعها بالبنوك.
بهدوء يرد قائلًا إن «الحكومة قادرة على مراعاة البعد الاجتماعى من خلال توفير منتجات استثمارية لهذه الشرائح،والعمل على تخفيض الضرائب، وبذلك تتحقق المعادلة فى الحفاظ على مصادر الدخل، وأيضاً تشجيع الاستثمار وجذب المستثمرين».
حرص الرجل على التحليل الدقيق يجعله أكثر تركيزًا، عندما يحلل المشهد فى الديون تتكشف رؤيته، المعتمدة على مدى القدرة على سداد الدين، وطريقة تمويل وسداد العجز فى الموازنة، يقول إن: نسبة الدين الخارجى من الناتج المحلى رغم أنها مقبولة، لكن هل هذا العجز هيكلى أم يمكن السيطرة عليه؟
يعود ليجيب قائلًا إن «العجز فى الموازنة كان ومازال عجزًا هيكليًا يتطلب العمل للسيطرة عليه».
فى جعبة الرجل حكايات عديدة حول السياسة النقدية خاصة فى ملف سعر الصرف.. هنا يفصل بين اتجاهين المدى القصير، ممثلًا فى سعر الصرف المدار مثلما حدث فى السنوات الماضية منذ عام 94 حتى عام 2003، وإلى عام 2016، وسعر الصرف على المدى الطويل الذى يقاس بعلاقة التضخم بين دولتين.
فى هذا الصدد استشهد بمعدلات التضخم فى الاقتصاد الوطنى بنسبة 3%، والاقتصاد الأمريكى بنسبة 2.5%، بمعنى حال استمرار هذه النسب فى التضخم لفترة 10 سنوات، سوف تظل العملة المحلية مستقرة بنفس مستوياتها أمام الدولار الأمريكى، ولتحقيق ذلك لا مفر من الإنتاج المحلى.
لا يزال الجدل قائمًا بين الخبراء
والمراقبين حول مسار السياسة المالية، كونها تعتمد على سياسة ضريبية مؤلمة، لكن محدثى يحسم هذا الجدل بقوله إن «الضرائب ليس لها بعد اجتماعى فقط، وإنما تنموى أيضاً، فالضرائب لا بد أن يكون هدفها التنمية والاستثمار، ولا يكون تأثيرها سلبى، على الإنتاج، والدخل، الإيرادات، مما يضر الاقتصاد، لكن يجب التماس العذر للقائمين على السياسة المالية، باعتبارهم يديرون تركة من سنوات طويلة لا علاقة لهم بها».
تابع أن «ضم القطاع الموازى إلى المنظومة الرسمية للدولة سوف يساهم فى حل مشكلات متعددة، ولن يتم ذلك إلا بالتحول الرقمى، خاصة أن النسبة التى تم الوصول إليها فى هذا القطاع 7%، ونجاح الدولة من إقناع أصحاب هذا القطاع بالشمول المالى هو فى مصلحته، سوف يساهم فى تشجيعهم على الانضمام لمنظومة التحول الرقمي».
دار بداخلى علامات استفهام حول مشهد الاستثمار، غير المرضى للجميع، ويبدو أن الرجل قرأ ما بداخلى فبادرنى قائلا إن «الاستثمار مثل باقى الملفات الأخرى لا يسير منعزلا، وهذا الملف لابد أن تتكاتف فيه كل الجهات العاملة فى الدولة، حيث يتطلب مشاركة الجميع، وليس جهة محددة، مع الضمان بتحديد خطة واضحة وثابتة فى كافة البنود أمام المستثمرين لسنوات طويلة، يتمكن خلالها المستثمر من تنفيذ مشروعاته دون قرارات مفاجئة تضر باستثماراته، وهذا هو الضامن لجذب الاستثمارات».
< أقاطعه قائلًا.. بعض القطاعات فى ملف الاستثمار قادرة على أن تقود قاطرة الاقتصاد والمساهمة فى النمو والتنمية المستدامة..فهل ذلك حقيقي؟
علامات حيرة ترتسم على ملامح قبل أن يرد قائلًا: إن اللوجستيات يعتبر من أهم القطاعات القادرة على تحقيق نمو، كونه بات قطاعًا رئيسيًا فى الاقتصاد الوطنى، بعد الطفرات التى تحققت فى النقل البرى، والبحرى، والجوى، والنهرى، وكذلك القطاعات البتروكيماويات، والتصنيع الزراعى، وقبل ذلك القطاع السياحى، الذى يحظى بتنوع غير طبيعي».
لا يخفى الرجل انحيازه للقطاع الخاص، والمعاناة التى يواجهها القطاع، الذى يتطلب من الحكومة دعمًا، بإتاحة الفرصة أمامه، والدخول فى المشروعات المختلفة، دون منافسه من جانب الحكومة، مع توفير بيئة استثمارية تعمل على تشجعيه، وليس وضع العراقيل أمامه.
رغم مرور أكثر من 5 سنوات على برنامج الطروحات الحكومية، فإن البرنامج يشهد تخبطًا، وللرجل وجهة نظر خاصة فى هذا الملف تقوم على أن الفرصة متاحة أمام الحكومة طوال الوقت لمثل هذه الطروحات، لكن لابد أن يشهد السوق طروحات مستمرة، للتوسع فى السوق بمنتجات جديدة، وبمعايير تعمل على نجاح هذه الطروحات، بتقييم عادل وسعر مناسب وجاذب للمستثمرين على غرار التجارب السابقة، مع طرح قصص جديدة، وترويج محترف لهذه الطروحات.
إذا لم تكن مرنًا، لن تستطيع الوصول لحلول لما تواجهه من مشكلات، وبنفس المنطق لا بد العمل من أجل استرداد البورصة لريادتها فى المنطقة من خلال 3 محاور تقوم على مساندة كل الوزارات والجهات الحكومية للبورصة كونها مرآة الاقتصاد، والمساهم الأكبر لتحقيق التنمية المستدامة، والاتجاه إلى تقديم المزيد من الدعم، بخفض الضرائب، والترويج الجيد لها كونها منصة لتمويل المشروعات الوطنية.
محارب، يفتش عن الإبداع والابتكار كون مجال عمله الفنى محللًا فنيًا بأسواق المال تفرض عليه ذلك، له رؤية فى المستويات الفنية لحركة مؤشر البورصة الرئيسى، حيث يتوقع استهداف المؤشر مستويات عند 12000 نقطة مع نهاية العام 2020.
مع كل خسارة شيء تكتسب شيئاً آخر، فالحياة ليس من الضرورى أن تكون مثالية دائماً، ورغم ذلك فتش محدثى عن المثالية فى عمله، حتى تمكن من تحقيقها، ليحقق جزءًا من أحلامه رئيسًا للجمعية المصرية للتحليل الفنى لفترة 5 سنوات، محققا خلالها أهدافه التى سعى من أجلها، إستراتيجية تتمثل فى 5 محاور يتصدرها تحقيق الاستقرار المادى رغم كون الجمعية غير هادفة للربح، بل نجحت فى مواجهة كورونا خلال 6 أشهر، بمواصلة العملية التدريبية والتعليمية للعاملين فى سوق الأوراق المالية، باعتبارها الأقوى على مستويات العالم، بالإضافة إلى دعم أعضائها بالحصول على شهادات دولية، والنجاح فى تنظيم المؤتمر الدولى للاتحاد الدولى للمحللين الفنيين خلال عام2019، وتنمية المجتمع من نشر الوعى وثقافة الاستثمار بسوق المال.
هكذا يكون متصالح مع النفس، الرضا سر هدوئه، يسعى أن يكون الأفضل دائمًا حتى يصل فى مجال عمله إلى الريادة… فهل يستطيع ذلك؟