صندوق النقد يبدأ المراجعة الرابعة لمصر خلال أيام
يبدأ صندوق النقد الدولي المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر الشهر الحالي
ويسمح استكمال هذه المراجعة بصرف شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار من قرض الصندوق، والتي تمثّل الأكبر بين مختلف الشرائح
الشريحة الثالثة
في مايو الماضي، أقرّ مجلس صندوق النقد الدولي، صرف الشريحة الثالثة من برنامج دعم مصر بقيمة 820 مليون دولار
واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس الماضي، المراجعتين الأولى والثانية في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر
ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إلى 8 مليارات دولار، ما سمح للدولة بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.
مراجعة الاقتصاد المصري
الصندوق أشار في تقرير مراجعة الاقتصاد المصري الصادر في أغسطس الماضي، إلى ضرورة التحول الواضح نحو توحيد الإيرادات الضريبية لزيادة الفائض الأولي بشكل مستدام، وإفساح المجال للنفقات ذات الأولوية، كما طالب بالاستفادة من التحسن الحالي في معنويات السوق لتطوير استراتيجية أكثر قوة لإدارة الديون، لخفض احتياجات التمويل الإجمالية.
شدد الصندوق على ضرورة تعبئة موارد مالية إضافية، بالإضافة إلى “تعزيز هيكل حوكمة البنوك المملوكة للدولة، والاستمرار في تعزيز إطار المنافسة، وتحسين الجهود الرامية إلى أتمتة وتحديث إجراءات تيسير التجارة لزيادة الكفاءة وإزالة الحواجز التجارية”.
برامج الحماية الاجتماعية
تُجري مصر دراسة شاملة لتقييم تأثير الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية على أكبر دولة من حيث عدد السكان في الشرق الأوسط، وتعمل مع صندوق النقد الدولي على حماية الفئات الأكثر ضعفاً، حسبما قال المدير الإقليمي للصندوق جهاد أزعور.
من بين المسائل المقرر مناقشتها خلال زيارة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، المرتقبة إلى القاهرة في أوائل نوفمبر هي مدى جاهزية برامج الحماية الاجتماعية في مصر.
وأشارت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى أنها تسعى لمراجعة الأهداف والجداول الزمنية المرتبطة باتفاق قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 8 مليارات دولار في ظل الاضطرابات الإقليمية.
من المرجح أن تُظهر البيانات الجديدة مستوى التأثيرات بعد مرور عامين من تخفيض قيمة العملة وارتفاع الأسعار على إنفاق الأسر، مما يسمح للصندوق والحكومة “بالتأكد من أن البرامج الاجتماعية التي تنفذها مصر يمكن أن تصبح أكثر فعالية”، كما قال أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، خلال مقابلة بالعاصمة الأميركية واشنطن.
قرض صندوق النقد إلى مصر
مصر، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 106 ملايين نسمة، اتفقت في مارس على زياد قيمة اتفاق القرض مع الصندوق، ضمن الركائز الأساسية لعملية إنقاذ عالمية واسعة لاقتصادها، حيث كانت تعاني منذ أوائل عام 2022 من أزمة حادة في النقد الأجنبي.
منذ ذلك الحين، فرضت السلطات تخفيضات حادة في الدعم الموجه للوقود والخبز والكهرباء، مما زاد من الضغوط على المستهلكين الذين يواجهون صعوبات بالفعل.
عبد الفتاح السيسي
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 20 أكتوبر إن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يُنفذ في ظل “ظروف إقليمية واقتصادية صعبة للغاية”، في إشارة إلى الصراعات المستمرة بين إسرائيل وحماس وحزب الله، منذ أكثر من عام، وإنه سيكون من الضروري مراجعة الاتفاق إذا أصبحت الضغوط المالية لا تُطاق بالنسبة لعموم المصريين.
تعديل مصر وصندوق النقد للبرنامج
قال صندوق النقد الدولي إنه منفتح إزاء إجراء تعديلات على برنامج القرض مع مصر، مع الإشارة إلى أن قيمته من المحتمل أن تظل دون تغيير.
وأكد الصندوق، الواقع مقره في واشنطن، على أهمية استمرار إصلاح العملة، بعد أن سمحت السلطات للجنيه المصري بالانخفاض بحوالي 40% في مارس، مشيرة إلى أن قيمته ستعكس العرض والطلب في المستقبل.
قال أزعور: “نحث السلطات على مواصلة الحفاظ على مرونة العملة”. وأكد أن فريق صندوق النقد “سيقيم الوضع بالتأكيد” في مصر خلال المراجعة المقبلة للبرنامج الشهر الحالي.
وتابع: “نتطلع إلى زيادة تدفق الاستثمارات” إلى مصر. لكنه أوضح أن “مستوى عدم اليقين المرتفع في المنطقة يُؤثر سلباً” على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تعهدت مصر ببيع أكثر من 24 أصلاً في حوزتها ضمن خطة مدعومة من صندوق النقد تهدف إلى تقليل الدور الكبير للدولة في الاقتصاد مع جذب الأموال الأجنبية الضرورية. لكن لم تعلن مصر عن بيع أي حصة كبيرة من أصولها منذ آخر تخفيض لقيمة الجنيه.
وجاء في تصريحات أزعور أن قرار صندوق النقد الدولي بخفض تكاليف الاقتراض للدول المثقلة بالديون سيوفر لمصر حوالي 800 مليون دولار بحلول عام 2030.
وأوضح أن المفاوضات بشأن حصول مصر على تمويل بموجب برنامج “المرونة والاستدامة” من صندوق النقد الدولي احرزت “تقدماً جيداً جداً” وستستمر في الشهر الحالي. ورفض تحديد موعد التوصل إلى اتفاق.
مؤكدا أن أوجه التحسن في أوضاع الاقتصاد الكلي بمصر خلال الآونة الأخيرة “مشجعة”.
مراجعة الاتفاق مع صندوق
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه “لا بد من مراجعة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي إذا كان سيضع الناس في وضع غير محتمل”.
وأضاف، خلال جلسة حوارية بالمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية، المنعقد في القاهرة اليوم الأحد 20 أكتوبر:
“لو لم يُؤخذ في الاعتبار التحديات التي نواجهها، بما في ذلك أننا فقدنا 6 إلى 7 مليارات دولار من دخل قناة السويس -ومن المحتمل أن يستمر هذا الوضع لمدة سنة- وإذا كان البرنامج المتفق عليه مع الصندوق سيجعلنا نضغط على الناس، لا بد للحكومة من مراجعة هذه الاتفاق”.
كان السيسي أفصح، بنهاية سبتمبر، أن قناة السويس فقدت أكثر من 6 مليارات دولار من دخلها منذ بداية العام. مشيراً إلى تعرُّض اقتصاد بلاده لصدمات خارجية مؤثرة بفعل الحرب في غزة والتوترات في البحر الأحمر، ما تسبب في تراجع عدد السفن العابرة لقناة السويس إلى النصف تقريباً، ونتج عنه انخفاض في عائدات القناة بنحو 50% إلى 60%.
بلغت عائدات قناة السويس 10 مليارات دولار العام الماضي، لكنها شهدت تراجعاً حاداً خلال العام الجاري، بعد تحويل عدد كبير من السفن مسارها إلى رأس الرجاء الصالح تجنباً لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
ضغوطات إصلاحية
كانت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، دعت في يوليو الحكومة إلى مزيد من التقدم في ملفات الإصلاحات الاقتصادية المختلفة. منبهةً إلى أن مصر بحاجة إلى المزيد من الإصلاحات الهيكلية لزيادة مشاركة القطاع الخاص؛ “حيث ما زلنا نرى تباطؤاً واضحاً في خطط التخارج من الأصول المملوكة للدولة”، على حد تعبيرها.
كما دعت هولار إلى “تحرير سعر صرف الجنيه من كافة القيود”، ورفع الدعم عن الطاقة، وزيادة أسعارها لتصل إلى نقطة التعادل مع تكلفتها.
بدوره، صرح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي حينها أن “استكمال برنامج صندوق النقد الدولي سيكون بنهاية 2026، ونضع أعيننا أن لا ندخل في برنامج جديد مع الصندوق”.
800 مليون دولار
وكشفت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا أن تعديل الصندوق للرسوم الأساسية والإضافية للبرامج والقروض سيوفر على مصر مبلغاً إجمالياً قدره 800 مليون دولار حتى 2030.
وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في مراجعته لسياسة “رسوم القروض”، وتتضمن خفض تكاليف اقتراض أعضائه بنسبة 36%، أو حوالي 1.2 مليار دولار سنوياً.
تُطبّق “رسوم القروض” الإضافية على الدول التي تقترض أكثر من حصتها المخصصة، أو تستغرق وقتاً أطول لسداد القروض. وتحمّل تلك الرسوم المقدّرة بنحو 6 مليارات دولار على مدى 5 سنوات- بشكل أساسي حفنة من أكبر المقترضين من الصندوق، بما في ذلك الأرجنتين ومصر وأوكرانيا والإكوادور، وفقاً لبيانات الصندوق التي جمعها مركز البحوث الاقتصادية والسياسية.
قالت غورغييفا أن التوترات في المنطقة تحرم مصر من 70% من إيرادات قناة السويس؛ “وهي خسارة هائلة بالنسبة لاقتصادها”، اعتبرت مديرة الصندوق أن “مصر ستكون في وضع أفضل إذا تم تنفيذ الإصلاحات عاجلاً وليس آجلاً”.
توترات المنطقة
مديرة الصندوق أعربت عن قلقها “العميق” إزاء التوترات التي تشهدها المنطقة، والأثر الاقتصادي السلبي لهذا النزاع؛ “الكارثي في المناطق الواقعة في قلب الصراع، لا سيما غزة والضفة الغربية، مع آثار سلبية ترتبت على مصر والأردن، وآثار سلبية للغاية بالنسبة للبنان، مع انتقاله البلد إلى قلب النزاع أيضاً”.
وأضافت غورغييفا: “نحن قلقون جداً من احتمالية تصاعد هذه التوترات، ما قد يضر بشكل إضافي بالمنطقة جمعاء”. مفصحةً عن مراجعة الصندوق توقعاته لنمو إلى المنطقة ككل أدنى بمقدار 0.6% مقارنةً بشهر أبريل، حيث بتنا الآن نتوقع نمواً بنسبة 2.1% فقط للعام الحالي”.