رأي صادم من بنوك لبنان حول خطة دياب للإنقاذ الاقتصادي
انتقدت بنوك لبنان خطة إنقاذ اقتصادي ستشكل أساس محادثات مع صندوق النقد الدولي، واصفة إياها بأنها “تقوض الثقة” في البلاد.
تتزامن التعليقات، والتي قد يكون لها تأثير كبير على صندوق النقد الدولي، نظرا لأن البنوك من أكبر حائزي ديون لبنان، مع توقيع بيروت طلب مساعدة من الصندوق، وهو ما وصفه رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب بأنه “لحظة مفصلية في تاريخ لبنان”.
ترسم الخطة، التي وافقت عليها حكومة دياب الخميس، صورة لخسائر بعشرات المليارات من الدولارات للنظام المالي وإجراءات قاسية لإخراج لبنان من أزمة شهدت انهيار عملته وارتفاع البطالة وتعثر البلاد في ديونه السيادية واحتجاجات في الشوارع.
ورحب بعض الاقتصاديين والدبلوماسيين بالخطة باعتبارها خطوة أولى مهمة نحو التعافي، لكن كثيرين يتشككون في إمكانية تنفيذ المقترحات الطموحة لخفض إنفاق القطاع العام وإصلاح القطاع المصرفي بعد سنوات من التباطؤ في التنفيذ.
قال وزير الاقتصاد السابق ناصر سعيدي عن الخطة التي تتألف من 53 صفحة “هذا يعني بداية المفاوضات الجادة مع صندوق النقد الدولي، لذا فهذه أنباء شديدة الأهمية لأنها تزيح الكثير من الضبابية. وكما قلت من قبل، المسألة في لبنان دائما مسألة تنفيذ”.
وقالت جمعية مصارف لبنان إنها لا يمكن أن توافق “بأي حال من الأحوال” على خطة لم تجر استشارتها بشأنها رغم أنها “جزء أساسي من أي حل”.
ودعت الجمعية أعضاء البرلمان إلى رفضها لأسباب منها أنها تمس بالملكية الفردية. ولا تحتاج الخطة مصادقة البرلمان عليها.
وقالت الجمعية في بيان “إن عملية إعادة الهيكلة المحلية (للبنوك)، كما وردت في الخطة، من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان محليا ودوليا. من المحتمل أن تعيق الخطة الاستثمار في الاقتصاد، وبالتالي احتمالات الانتعاش”.
تعتمد إحدى الركائز الأساسية للخطة على تغطية جزء من خسائر للقطاع المالي بنحو 70 مليار دولار من خلال إنقاذ من مساهمي البنوك ينطوي على اقتطاع رؤوس أموال وسيولة من كبار المودعين، وهو ما من المقرر استعادته لاحقا.
ووصفت الجمعية الإجراءات المتعلقة بالإيرادات والنفقات في الخطة بأنها غامضة وغير مدعمة بجدول زمني دقيق للتنفيذ، وقالت إن الخطة لا تعالج الضغوط التضخمية وهي قد تؤدي عمليا بدورها إلى تضخم مرتفع جدا.
وقال مصدر مقرب من القطاع المصرفي إن صندوق النقد الدولي سيتشاور على الأرجح بشأن خطة الإنقاذ قبل المضي قدما. وقال المصدر إن الجمعية تعتزم تقديم خطتها الخاصة إلى الحكومة خلال أسبوع أو اثنين.
وفي ظل وجود برنامج صندوق النقد الدولي، تأمل بيروت في أن يفرج المانحون الأجانب عن حوالي 11 مليار دولار تعهدوا بها في مؤتمر بباريس عام 2018، والذي جرى ربطه بالإصلاحات المتوقفة منذ فترة طويلة.
تشكل أيضا الخطة، التي تدعو إلى دعم خارجي بقيمة 10 مليارات دولار إضافية على مدار خمس سنوات، العمود الفقري لمحادثات مع حاملي سندات أجانب لم تبدأ بعد، وذلك بعد أن تعثر لبنان في سداد سندات دولية بقيمة 31 مليار دولار في مارس آذار.
وقال نافذ صاووك محلل الأسواق الناشئة لدى أوكسفورد إيكونوميكس “إنها إلى حد كبير خطوة تسويقية كبيرة للحكومة، إذ إن هناك شعورا بأن الحكومة بدأت فقدان السيطرة. توضح هذه الخطة أنهم يسعون بالفعل للعمل من أجل شيء ما”.
أثار هبوط فائق السرعة لليرة اللبنانية، التي فقدت أكثر من نصف قيمتها منذ أكتوبر تشرين الثاني، موجة جديدة من الاضطرابات، تمثلت في أعمال شغب تستهدف البنوك التي تحول بين المدخرين وودائعهم بالدولار الأميركي، وسقط ضحيتها متظاهرون.
وقال دبلوماسي غربي لرويترز “التنفيذ هو الجزء الأصعب، ولبنان يفشل باستمرار في هذا. التقدم لن يكون ممكنا إلا بهذا وعلى أساس من توافق سياسي وشعبي أكبر”.
وفي ظل إجراءات مثل استعادة الأصول المسروقة في الخارج، قد يستغرق هذا سنوات، في حين يقول بعض الاقتصاديين إن الخطة تضع عبئا شديد الثقل على القطاع المصرفي الذي ساعد لعشرات السنين في تمويل عجز ضخم في الموازنة العامة.
وقال نسيب غبريل كبير الاقتصاديين لدى بنك بيبلوس “هذا في الأساس استيلاء من الدولة على القطاع المصرفي. أنا لا أفهم كيف سيعيد هذا الثقة… عندما تسلك هذا الطريق، فمن أين سيأتي الإقراض؟”.